الرضاعة

الأدوية والرضاعة الطبيعية | ومدى تأثير الأدوية المختلفة على صحة الرضيع

نعلم أنك الآن تحملين بين يديك قطعة من قلبك، فها هو صغيرك الذي طالما حلمت بملامحه ورسمتيها في مخيلاتك تراقبين حركاته عن كثب، وبما أنك قد قررت إرضاع طفلك طبيعيًا، قد يصيبك القلق حيال الأدوية والرضاعة الطبيعية، وترغبين في مدى تأثير الأمر على صغيرك، وهل حقًا كل ما يتم تناوله يفرز في لبن الأم؟ كل هذه الأسئلة وأكثر، سنجيبك عنها هنا، لذا كوني برفقتنا، وستجدين بغيتك.

الأدوية والرضاعة

علميًا تم إثبات أن جميع ما تتناوله الأم يفرز في لبن الثدي، وبالتالي يصل إلى الجنين، بما في ذلك كل أنواع الطعام والأدوية، وقد يصيب بعض النساء القلق حيال هذا الأمر، فيمتنعن عن تناول أي عقاقير أو أدوية، حتى في الفترة التي تلي الولادة مباشرة، وهنا علينا التنويه أنه وإن كانت كل الأدوية تفرز في لبن الأم، إلا أنها تفرز بكميات متفاوتة ومختلفة، وذلك تبعًا لبعض المعايير المختلفة.

حيث أثبتت الدراسات أن الأدوية ذات التركيز العالي، تفرز بنسب عالية، أما الأدوية ذات التركيز البسيط أو المعتدل، تفرز بنسب قليلة، وتزداد نسبة الخطورة والتأثير على الطفل كلما كان يعاني من مشكلة ما، كالأطفال المبتسرين، أو من لديه مشاكل في القلب، أو حديثي الولادة بشكل عام، بينما تقل نسبة التأثير على الطفل، كلما اقترب من سن الفطام، إذ أنه من المعروف أن عدد مرات الرضاعة يقل بعد بلوغ الطفل 6 أشهر، وبالتالي يقل نسبة تأثير الأدوية عليه.

هل يمكن مواصلة الرضاعة الطبيعية مع تناول الأدوية؟

إذا كنت تبحثين عن إجابة محددة ودقيقة عن أمر الأدوية والرضاعة، فعلينا أن نصدقك ونخبرك أن الأمر ليس هباء، ففي كثير من الأحيان نجد أن الأفضل للأم والجنين أن يتم التوقف عن تناول الأدوية في الحال، وفي أحيان أخرى يتم الانتقال من هذا الدواء إلى نوع آخر يلائم الحالة بشكل أفضل، وفي كل الأحوال، يمكن للطبيب وحده تحديد إذا كان يمكنك مواصلة الرضاعة الطبيعية مع تناول الأدوية أم لا.

العوامل المعتمد عليها كمية الدواء التي تفرز في الحليب

علمنا مما سبق أن ليست كل الأدوية تفرز بنفس الكمية ولا بنفس الطريقة، وبعد دراسات طال العكوف عليها وتجارب قطع فيها العلماء شوطًا طويلًا، تم التوصل إلى عدة عوامل تتحكم في الكمية التي يفرزها الدواء في حليب الأم ومن ثم تصل إلى الجنين، ومن هذه العوامل:العوامل المعتمد عليها كمية الدواء التي تفرز في الحليب

  • نوع الدواء الذي يتم تناوله.
  • الجرعة المحددة من قبل الاستشاري.
  • التوقيت المحدد للجرعة، ومدى قربه من وقت الرضعة.
  • مدى استجابة جسم الأم للدواء.
  • عمر الرضيع وحالته الصحية.

الأدوية الآمنة أثناء الرضاعة

فترة الرضاعة هي مرحلة من المراحل التي تمر بها جميع الأمهات، وهي فترة طبيعية من الحياة، لذا نجد أن الأم تتعرض فيها لوعكات صحية أو حتى ظروف معينة تجعلها تلجأ إلى تناول العقاقير والأدوية الطبية، ذلك أنها أمر لا مفر منه، ولحسن الحظ أن الأدوية لا تعد خطرًا في كل الحالات، ومن الأدوية الآمنة أثناء فترة الرضاعة ما يلي:

المسكنات

تعتبر  المسكنات من الأدوية الآمنة أثناء الرضاعة، ويعتبر دواء الباراسيتامول هو أفضل المسكنات بشكل عام في فترة الرضاعة الطبيعية، ولا تقتصر هذه الأدوية على الحبوب أو أدوية الشرب فقط، بل يمكن أيضًا استخدام البخاخات والكريمات الموضعية للتخفيف من حدة الآلام، أما إذا كانت الآلام شديدة وقوية واحتاجت الأم إلى نسب عالية من المسكن، عليها استشارة الطبيب لتحديد ما يتناسب معها.

مزيلات الاحتقان

عن الأدوية والرضاعة الطبيعية، فيمكن استخدام البخاخات التي تخفف من حدة التهاب الجيوب الأنفية، بالإضافة إلى إمكانية استخدام حبوب المص أو ما تعرف بحبوب الاستحلاب، كما يمكن استخدام أدوية المضمضة التي تعالج التهاب الحنجرة المزعج الذي في الغالب يترافق ويتزامن مع أدوار الأنفلونزا.

حبوب منع الحمل

من أهم الأمور التي لابد أن نتحدث عنها بشأن الأدوية والرضاعة الطبيعية هي حبوب منع الحمل، ذلك أنها أمر لابد منه، تلجأ له المرضعات لتنظيم فترات الحمل والانتظار فترة مناسبة بين الولادتين، ولحسن الحظ أنه توجد أنواع كثيرة من حبوب منع الحمل التي تتناسب مع كل فترة من فترات الرضاعة التي تمرين بها، فإذا لم يتناسب نوع منها معكِ، عليك تجربة نوع آخر من وسائل منع الحمل المختلفة.

الأدوية المعالجة للربو

من الجدير بالذكر، أن معظم الأدوية التي تستخدم لعلاج الربو، تكون آمنة في فترة الرضاعة، ولحسن الحظ أيضًا أنه يوجد أنواع متعددة وبنسب متفاوتة، لتتناسب مع كل حالة، وفي حالة التبس عليك الأمر، عليك استشارة طبيبك ليحدد لك ما يتماشى مع حالتك، وبشكل عام يمكنك استخدام نشاقات بوديسونايد وسالبوتامول وكذلك حبوب الستيرود.الأدوية المعالجة للربو والرضاعة الطبيعية

الملينات

يعتبر ملين سيليام هسك psyllium husk وملين البراز  دوكيوسيت “docusate” من أفضل الملينات التي يمكن أن تستخدم في فترة الرضاعة، ولا يجب العدول عنهما إلى أنواع أخرى مثل البيساكودل، حيث يؤثر هذا الدواء على الرضيع بشكل جلي، لذلك لا يمكن استخدام هذا الدواء والرضاعة الطبيعية لا زالت قائمة.

كذلك يمكن تناول الأدوية التي تعالج مشكلة الحموضة وارتجاع المريء في فترة الرضاعة بأمان تام، هذا بالإضافة إلى مثبطات مضخة البروتون التي تعتبر اختيارًا جيدًا للأم والرضيع في آن واحد.

الفيتامينات والمعادن المختلفة

يمكن تناول بعض أنواع الفيتامينات من قبل الأم أثناء فترة الرضاعة، بل قد ينصحك طبيبك بضرورة تناول بعض أنواع الفيتامينات كأدوية الحديد أو الكالسيوم وكذلك فيتامين د، إلا أنه يجب عليك استشارة طبيبك لتحديد الجرعة والتركيز المناسبان.

الأسبرين

يعتبر الأسبرين من أكثر الأدوية الآمنة التي يمكنك اللجوء إليها في فترة الرضاعة، ويستخدم لعلاج مشاكل كثيرة ويتوافر أيضًا في أشكال كثيرة، ربما من أشهرها Disprin و Aspro و Solprin.

الأدوية الممنوعة أثناء الرضاعة

أما فيما يتعلق بالممنوعات من الأدوية والرضاعة الطبيعية مازالت مستمرة، فيمكن القول أنه يوجد قائمة طويلة وهامة للغاية من الأدوية، لابد لكِ من الاطلاع عليها قبل البدء في إرضاع طفلك طبيعيًا، إذا أنها قد تلحق الأذى البالغ برضيعك، لذا عليك توخي الحذر، وعلى رأس هذه القائمة ما يلي:

أدوية الحساسية

على الرغم من وجود أنواع متعددة من أدوية الحساسية، إلا أنه ينصح دائمًا بتجنب الأدوية التي تحتوي على مادة الهيستامين في فترة الرضاعة، ذلك أنها قد تسبب النعاس للرضيع لفترات طويلة، لذلك هي من الأدوية المحذورة.

أدوية الصرع والتشنجات

لسوء الحظ أن كثير من المرضعات قد يتعرضن لنوبات متكررة من التشنجات أو الحالات النفسية التي قد تصل إلى الصرع في بعض الأحيان، ولا يمكن استمرار الرضاعة الطبيعية مع تناول الأدوية المعالجة لهذه الحالات في الغالب، ذلك أنها تفرز في لبن الأم بنسب كبيرة، وبالتالي تؤثر على أعصاب الرضيع بشكل ملحوظ.

مضادات الاكتئاب

مضادات الاكتئاب وتأثيرها على الرضاعة الطبيعيةفي كثير من الأحيان نجد أن  المرضعات يسألن عن الأدوية والرضاعة وغرضهن الأساسي هو معرفة ما إذا كان يمكن لهن أن يتناولن معالجات اكتئاب ما بعد الولادة الذي يتعرضن له في فترة الرضاعة أم لا، ذلك أن اكتئاب ما بعد الولادة قد انتشر بنسبة كبيرة للغاية في الآونة الأخيرة، لذلك علينا تحذيرك عزيزتي من اعتماد الرضاعة الطبيعية كغذاء أساسي لطفلك، أثناء تناولك  الأدوية المعالجة للاكتئاب، فهي في الغالب ستعود على صحة صغيرك بالسلب.

أدوية الأمراض المزمنة

على الرغم من أن كثير من الأطباء قد يجدون أن تناول الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة كداء السكري والأدوية الخاصة بارتفاع ضغط الدم أثناء الرضاعة الطبيعية أمر لا بأس به، إلا أن الدراسات الحديثة أثبتت أنها من الأدوية الممنوعة أثناء الرضاعة، لذلك يفضل تجنبها، ذلك أن الطفل يتعرض لها بشكل يومي، كونها يتم تناولها باستمرار.

الأدوية المعالجة للغدة الدرقية

يعتبر التحكم في مستويات الغدة أمر بالغ الأهمية، لاسيما في حق النساء المرضعات، حيث يؤدي الاضطراب فيها إلى التأثير على أداء جميع أجهزة الجسم، كما أن التعرض لأشعة اليود التي لابد من إجرائها لعلاج الغدة، أمر لا يمكن القيام به حال الرضاعة الطبيعية، لذلك عليك استشارة طبيبك قبل أخذ أي خطوة في هذا الأمر.

المستحضرات العشبية

على الرغم من فوائد الأعشاب وأهميتها للمرضعات، إلا أن المستحضرات العشبية تصنف من الأدوية التي لا يمكن لها وللرضاعة الطبيعية أن يتلازمان، حيث تفرز هذه المستحضرات بنسب كبيرة في لبن الأم، وبعض هذه المستحضرات يكون خطير للغاية على صحة الطفل، لذا هي من محظورات الأدوية والرضاعة قائمة.

الكحول

لا يخفى خطر الكحول على النساء في فترات حياتهن العادية، وكما يزيد خطر الآثار الجانبية للكحول على المرأة في فترة الحمل، كذلك يعتبر من الاختيارات الخاطئة في فترة الرضاعة، لذلك عليك تجنبه حتى لا تجعلي طفلك عرضة للإصابة بخطر اضطراب طيف كحول الجنين.

الأدوية التي تحتوي على الكوكايين

الأدوية التي تحتوي على الكوكايين من المعروف أن الكوكايين من الأدوية شديدة الانتقال من الأم إلى الجنين، ولا تخفى شدة حساسية جسد الطفل  في مرحلة الرضاعة، لذلك نجد أن المرأة التي تتعاطى الكوكايين أو تتناول الأدوية التي تحتوي على نسبة عالية منه، يتعرض طفلها للتهيج الشديد هذا بالإضافة إلى القيء المستمر والغثيان.

مضادات الحيوية

لا تعتبر المضادات الحيوية اختيارًا جيدًا من الأدوية والرضاعة لازالت مستمرة، لذلك إذا كان لابد لكِ من تناول المضادات الحيوية بسبب آلام الأسنان أو التهابات في الأذن أو غيرها، فيمكنك استشارة الطبيب أولًا لتحديد أقل جرعة ممكنة تساعدك على الشفاء، ولا تلحق الأذى بصغيرك.

متى يخرج الدواء من حليب الأم؟

بعد الحديث عن الأدوية التي يمكنك تناولها، والأدوية التي لا يمكنك تناولها في فترة الرضاعة، ربما يدور في ذهنك الآن سؤال متى يخرج الدواء من حليب الأم؟ وللإجابة على هذا السؤال يمكن القول أنه لا يوجد معيار ثابت لكل الأدوية.

ذلك أننا أسلفنا وذكرنا أن لكل دواء طبيعة خاصة عن غيره، وبالتالي يستغرق كل دواء فترة مختلفة عن الآخر في مدة التأثير ومدى الاستمرارية في دم الأم، ووحده الطبيب المشرف على حالتك، يمكنه إجابتك على سؤالك وإرشادك إلى أفضل الأوقات التي يمكنك فيها استئناف الرضاعة الطبيعية مع صغيرك بعد تناول الأدوية المختلفة.

بذلك نكون قد تحدثنا معك عن الأدوية والرضاعة، وأرشدناك إلى مدى تأثير الأدوية على صحة رضيعك، وهل تعتبر كل الأدوية اختيار سيء أم لا؟ هذا إلى جانب حديث مفصل عن الأدوية المحظورة والأدوية الممكنة في فترة الرضاعة، ولا يمكن وضع معايير ثابتة لكل الأدوية، فلكل عقار ميزة وطبيعة خاصة تجعله يختلف عن غيره اختلافًا كليًا، هذا إلى جانب أن لكل سيدة طبيعة جسدية خاصة، قد تستجيب مع الدواء أو ترفضه، ويمكننا الإيجاز والقول، أن الطبيب هو مستشارك المؤتمن، عليك أخذ مشورته.

المصادر:

إن إتش إس

بريست فيدينج

مايو كلينيك

زر الذهاب إلى الأعلى