التدخل المبكر لذوي الاحتياجات الخاصة | استراتيجياته وأهميته الفعالة لتدريبهم
نعلم جميعًا مدى احتياج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى نوع خاص من المعاملة، فهناك عدة مدارس تقوم باستخدام برامج التدخل المبكر والتي تهدف إلى تحسين النمط المتبع في الحياة، وتنمية عدد من المهارات التي يحتاجونها تحديدًا مهارة التخاطب وفهم حديث الآخرين والرد عليه، وذلك من خلال مجموعة من البرامج والخدمات مثل برنامج التدخل المبكر لذوي الاحتياجات الخاصة.
تعريف التدخل المبكر لذوي الاحتياجات الخاصة
هو عبارة عن نظام متكامل يحتوي على مجموعة من الخدمات العلاجية والتربوية والوقائية، حيث تقدم للأطفال منذ الولادة إلى أن يصلوا لسن 6 سنوات فقط ممن يحتاجون إلى برامج تربوية ونمائية، وكذلك المعرضين بنسبة كبيرة لخطر الإعاقة أيًا كان نوعها، ويوصي بالتدخل المبكر في التربية الخاصة في هذا السن، لأن الأطفال يعتمدون فيه على الوالدين في تلبية احتياجاتهم وإشباع رغباتهم، وعندها يحرص البرنامج على تطوير وتعزيز مهاراتهم لمساعدة أطفالهم في التطور والنمو، ولابد من تشكيل فريق يتضمن مجموعة من التخصصات المتنوعة لتلبية تلك الاحتياجات على قدر المستطاع.
فئات الأطفال المستهدفة بالتدخل المبكر
اتفق الباحثون على أنه يوجد ثلاثة فئات من ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال، لابد من حصولهم على برامج التدخل المبكر، وهم الأطفال الذين يواجهون مشكلة أو عجز، وهؤلاء الذين يعانون حالة من الخطر البيولوجي، والذين يعانون اضطرابات في النمو، فجميع هؤلاء في خطر سواء توقع العلماء حدوثه مستقبليًا أو كان محدد ومنتشر حاليًا، وإليكم نبذه عن بعض التفاصيل الخاصة بهذه الفئات:
الأطفال تحت ظرف خطر الآن
وهم مجموعة الأطفال الذين تبين معاناتهم من مشكلات طبية محددة فور تشخيصهم رسميًا، وتلك المشكلات معروف أسبابها وأعراضها وبالتالي طرق علاجها، حيث تضم عدد من الاضطرابات الصبغية مثل حالة الفينلكتيون يوريا؛ وهي واحدة من أنواع مشكلات الأيض، وزملة داون، والتشوهات الخلقية، والمشكلات العصبية كالشلل الدماغي، والاضطرابات الحسية، وهذه الفئة من الأطفال لا يشترط ظهور أعراض للتأخر النمائي في الوقت الحالي، فنسبة ظهور الأعراض لا تقل عن معدل 90% أو 65%، ولكن كي نتأكد بشكل أفضل؛ فيرجى القيام بتشخيص مبكر.
الأطفال الذين يعانون من خطر بيولوجي
وهذه الفئة من الأطفال يمتلكون تاريخ مرضي فيما قبل الميلاد أو خلال مرحلة الوضع، أو فيما بعد الولادة، حيث يستدل منها على وجود خطر من الناحية البيولوجية على تطور الجهاز العصبي المركزي، فهذه الفئة في المرحلة الحالية لا يواجهون أي مشكلات أو إعاقات أو عجز، ولكن قد يزيد هذا الخطر احتمالية ظهور أعراض التأخر النمائي، أو اضطرابات في التعلم مستقبليًا في حين عدم الخضوع لتدخلات علاجية، وهناك قائمة تتضمن بالتحديد هذه الظروف بناءً على نتائج البحوث والدراسات، وينتج الشك من توافر على الأقل عامل واحد من ضمن هذه القائمة بناءً على تشخيص فريق للتقييم ذو اختصاصات متعدد.
يعد من أهم عوامل هذا الخطر إدمان الحامل للمخدرات خلال فترة الحمل، والولادة المبتسرة، وميلاد الجنين بوزن أقل من المعدل الطبيعي، ونظرًا للتطور العلمي في العلوم الطبية؛ تغيرت المعايير الخاصة بالولادة المبتسرة فأصبحت في سن يتراوح ما بين 25:26، وكذلك قلة وزن المولد بحيث يكون أقل من أو يساوي 1.5 كجم، ووجب الإشارة إلى أن عدد كبير ممن يولدون بالظروف المتعلقة بالخطر البيولوجي أو الطبي يتم شفائهم بدون إجراء أي تدخلات علاجية.
الأطفال الذين يعانون من المخاطر البيئية
ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال من هذه الفئة لم يصابوا بأي مشكلات وراثية أو بيئية، كما أن ظروف مرحلتي الولادة والحمل كانت طبيعية جدًا، ولكن الاختلاف يكمن في نوعية الظروف البيئية والخبرات المبكرة التي يتطورون في ضوئها، فقد تشكل تهديدًا للنمو الطفل بشكل سوي، وقد تسبب ظهور اضطرابات معرفية أو سلوكية أو انفعالية مستقبليًا، فعوامل الخطر متعلقة بطريقة اهتمام الأم ورعايتها، وسوء التغذية، والاستثارة المتوافرة، وقلة الرعاية الطبية، وحالة بيئة الطفل تحديدًا إذا كانت فقيرة في الجانب الثقافي والاقتصادي.
الأطفال الذي يعانون من مشكلات نمائية
تعد هذه الفئة من ضمن فئات الأطفال التي يضعها البعض في مرتبة الفئات الأكثر شيوعًا حتى الآن، في حين يعتبرها الآخرون أنها فئة غير متصلة بباقي الفئات، نظرًا لتعرض الطفل بالفعل لمشكلات نمائية خلال أول سنتين بعد الولادة في مجالين من مجالات النمو، وقد يكون أكثر، ويتم التشخيص عن طريق المحك الإكلينيكي والقياس النفسي، حيث يعد الحصول على نسب تتراوح ما بين واحد إلى اثنين على قياس فعال للنمو بالانحراف المعياري دون المتوسط أهم الدلائل على معاناة الطفل من وجود اضطرابات نمائية، وفي حال المحك الإكلينيكي فيستخدم الفريق المتخصص مصادر مختلفة، وبناءً عليها يصدر أحكام على القدرات النمائية للطفل.
أهمية التدخل المبكر لذوي الاحتياجات الخاصة
تكمن أهمية التدخل المبكر للطفل أنها تجرى في المراحل العمرية الأولى من عمر الطفل، أي يمكن اعتبارها اللبنة الأولى لبنائه وتشكيله، فقد أثبتت الدراسات “لوثر هامر”، التي تم إجرائها على مجموعة من الأطفال المعوقين في المراحل الأولى من حياتهم في دولة ألمانيا، فعالية برامج التدخل المبكر لإصلاح ما خسر من انحرافات نمائية لديهم تحديًا في هذا العمر.
بالإضافة إلى أن تطبيق عدة برامج علاجية ووقائية ثم دمجها ببعض البرامج التربوية مباشرةً عند حدوث إصابة سيعطي نتائج عظيمة، ويستدل من ذلك على أهميتها الهائلة لتوفير أكبر قدر ممكن من البرامج المخصصة للأطفال قبل الدخول لمرحلة التعليم الابتدائي، وإليكم مجموعة من الفوائد:
تنمية مهارات التواصل مع الآخرين
من أهم فوائد التدخل المبكر؛ قدرته على تنمية مهارات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة مثل مهارة التواصل، ولكنها تحرص على تعلمه من المراحل الأولى من عمره كما ذكرنا من قبل، كي يحقق أكبر قدر ممكن من التعلم، ونظرًا لصغر عمره، يستخدم البرنامج اللعب الهادف في تعليمه؛ مما يساهم في تطوير وتعزيز مهاراته الاجتماعية من حوله، بل وإيجاد وسيلة يمكن من خلالها فهمهم، وهي أهم خطورة من خطوات البرنامج، فعندما ينجح في التواصل معهم× سيطور ما تبقي من مهارات.
تجهيز الطفل للتعليم والتعلم
أثناء سنوات التعليم؛ من المحتمل أن يخفف التدخل المبكر من حاجة الطفل للدراسة والتعلم، حيث يساهم في تقدم معظم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة للتعليم والتعلم، بل وزيادة نسبة فهمهم واستيعابهم الأكاديمي، وكذلك تحفيز مهاراتهم على التفاعل مع أقرانهم بشكل أفضل، وفي حال نجحوا في ذلك؛ يكونون الأكثر اختيارًا للالتحاق بالنظام الحديث المتبع في المدارس وهو “نظام الدمج”، أي يكون لديهم أقران مثلهم وأقران عاديون، بدون الدخول إلى مدارس متخصصة، ففصول الدمج ستشجعهم على التعلم مع أقرانهم العاديين.
التعود على برامج التأهيل بسرعة
من الأسباب التي جعلت برامج التأهيل تبدأ منذ الصغر، اعتياد الطفل عليها فيصبح الأمر اعتيادي بالنسبة له، مما يجعل هذه البرامج جزء رئيسي من الروتين اليومي لديهم مقارنةً بالتعامل مع هذه البرامج في الكبر، فتكون عبئًا عليهم نظرًا لاحتياجهم الكثير من الوقت للاعتياد عليه ومن المحتمل عدم قدرتهم على تقبله، لذا فالتعود من عمر صغير يساهم في دمج الطفل مع أقرانه وكذلك البرنامج بشكل أسرع.
تنمية مهارات الوالدين باحتراف
يساهم التدخل المبكر للوالدين في سن مبكر على مساعدة الأطفال في تنمية القدرات والمهارات، مما يجعل الوالدين والأشقاء والمقربين هم المدربين الرئيسيين للطفل، فيساعدون على اندماجه بشكل أسرع.
عوامل التفاعل مع خدمات التدخل المبكر
شهدت أكثر من دولة تطورات هائلة في خدمات وبرامج التدخل المبكر للأطفال الذين لم يصلوا للسادسة من العمر، ونتج هذا التقدم عن طريق تفاعل أكثر من عامل، وهم:
العامل الأول
يزداد الوعي تدريجيًا بشكل واضح حول أهمية الخبرات المبكرة لدى الفترة الأولى من العمر لارتقاء لإنسان ونموه، وهذه الأهمية تزداد أضعاف عند الأشخاص ذوي الهمم.
العامل الثاني
ظهور تحول في الفلسفة المتعلقة بذوي الإعاقة، فلقد أصبح ضروريًا اكتسابهم خدمات المواقع الطبيعية المستخدمة من قبل الأطفال مثل الحضانة والمدارس والروضة والمدرسة.
العامل الثالث
التزايد فيما يتعلق بالاعتراف بأن أطفال الحضانة والرضع من ذوي الاحتياجات الخاصة لهم حق في اكتساب فرص مساوية مع ذويهم لتطوير وتنمية قدراتهم وإمكانياتهم.
أهم الممارسات التي طبقت حاليًا في التدخل المبكر
هناك أربع أنواع من الترتيبات التي يمكن للمهنيين استعمالها لمساندة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم؛ عدد من المهنيون مدربون بشكل خاص للعمل مع هذه الفئات، محتوى منهجي يشكل نفس أهمية المنهج العادي أو يمكنه تكملته، طرق وأساليب تدريس متخصصة لتسهيل عملية التعلم وحل المشكلات الناجمة عنها، تجهيزات ومواد توفر مساندة ودعم لنجاح عملية التعلم، وإليكم أفضل الممارسات المطبقة في الوقت الحالي:
- التدخلات المركزة حول أفراد الأسرة بدلاً من ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال.
- الاعتماد على الجانب الوظيفي والبيئي في تشكيل محتوى المنهج المناسب لهؤلاء الأطفال عن طريق تحليل خصائصهم البيئية، وتجنب عملية التدريس عن استخدام الطرق المنظمة والجامدة بمستويات عالية.
- التكاملية؛ حيث يتم تقديم الخدمات والبرامج لدى بيئة الطفل الطبيعية.
- تدريس حالة الطفل العامة، فينبغي إجراء تدريس لشخصية الطفل خلال اكتساب تعميم المهارة.
- الاعتماد بشكل كبير على نخبة من الفرق باختلاف تخصصاتهم.
- التخطيط بشكل مسبق لعمليات الانتقال والتحول تحديدًا الانتقال من رعاية وخدمات المستشفى إلى خدمات مركز رعاية الطفل أو خدمات المنزل، ثم الانتقال من مركز رعاية الطفل إلى الوالدين ثم خدمات الحضانة “ما قبل المدرسة”، ومن خدمات الحضانة إلى المدرسة نفسها.
العناصر الرئيسية في التدخل المبكر
ولأن التدخل المبكر يساهم في تحسين الوضع النمائي والصحي بشكل عام على الطفل؛ فإنه يساهم في تقليل التكلفة المادية لكلاً من العلاجات الطبية والغير طبية، والتي من المحتمل احتياج الأطفال لها في المستقبل، كما أن هناك مجموعة من العناصر التي تزيد من نسبة نجاح التدخل المبكر، وقدرة الأطفال على التأقلم سريعًا مع هذه البرامج والخدمات:
الأسرة
يعتبر الجو الأسري هو الأساس في عملية التدخل المبكر، والعنصر الأساسي للثقافة واللغة، وتعد المدرب الأول للطفل والتي ينتج عن طريقها كل الفرص المتعلقة بتنمية قدرات ومهارات الأطفال واتجاهاته وميوله، بالإضافة إلى أنها يمكن استنباط بعض التوقعات وغيرها من مصادر الاهتمام والقلق والقيم والأولويات والمصادر التي تؤخذ بعين الاعتبار.
تحفيز مشاركة الطفل
ينبغي تعزيز ودعم التقدم ونقاط القوة عند الأطفال، وتحفيز مشاركتهم في البيئة الطبيعية التي يعيشون فيها في الظروف الطبيعية والتي يكون من ضمنها أماكن مثل المنزل، ودور العبادة، والحدائق العامة، ومراكز التسوق، والحضانات، ومراكز الرعاية النهارية، والروضات، ومناطق الترفيه وغيرها، ويتم ذلك من خلال الروتين اليومي لأسرة الطفل والطفل نفسه.
يتم ذلك عن طريق تقديم الخدمات والأنشطة في بيئته الطبيعية، بحيث يكون الطفل مسيرًا في اتباع هذه الخدمات عن طريق اتباع نفس طريقته في القيادة وتشكيل فرص تعلم طبيعية ضمن أسلوب الحياة الروتيني، وكذلك تنشيط مجموعة من نماذج التعلم المعتمدة على الاهتمامات وإعادة تكرار الممارسة وتعميم ما بها من نتائج إيجابية.
فريق عمل كامل ومتخصص
لابد من توفير نخبة من فريق شامل متعاون ومتناسق، بحيث يتم تقديم كافة الخدمات عن طريق أنواع متنوعة من فريق العمل فلابد من توفير فريق متداخل التخصصات، ومتعدد التخصصات، وفريق متشارك للتخصصات المختلفة، وقد أثبتت البحوث والدراسات أن دور الفريق التشاركي أهم الفرق التي يحتاجها البرنامج، فهو الأكثر نجاحًا.
اعتماد الممارسات على الأدلة
يجب أن تكون الخبرات والممارسات معتمدة على البراهين والأدلة والخبرات المعتمدة على الدراسات والبحوث الجديدة، بالإضافة إلى أن المشاركة الوظيفية ينبغي أن تكون معتمدة على المخرجات المستندة إلى مستوى عالٍ من المصادر المتوفة والجودة.
اتباع قيادة الطفل
يجب الاهتمام في برامج التدخل الفردي بمجموعة من المهارات مثل المرونة والفردية، والاستجابة لاهتمامات واحتياجات الأطفال المتغيرة وأسرهم، فينبغي الاهتمام بدور الطفل وتقديم الأولويات والاحتياجات الأسرية في أول الخيارات.
فوائد برامج التدخل المبكر
هناك مجموعة من الفوائد المتوقع انعكاسها على كلاً من الأسرة والطفل والمجتمع؛ فمثلاً من ضمن الفوائد على الطفل أنه يطور عدد كبير من مهارات وقدرات الطفل إلى أكبر درجة ممكنة، يساعد في تكيف الطفل في بيئته المألوفة، والتفاعل الإيجابي مع الأقران وأفراد العائلة وغيرهم من المحيطين به، يساعد الطفل على المشاركة الإيجابية فيما يحب من أنشطة وفعاليات في القوت الحالي، وكذلك المتوقع حبها مستقبلًا، وخلال السطور القادمة سنتعرف على فوائد أخرى للمجتمع والأسرة:
الفوائد التي تنعكس على الأسرة
مما لا شك فيه انعكاس الفوائد على كل أفراد الأسرة عند التعامل مع برامج وخدمات التدخل المبكر سواء في التفاعل الاجتماعي أو في التكلفة وإليكم الفوائد:
- تطوير طريقة تعامل الأسرة مع الطفل، مما يكسبهم مهارات ومعلومات هامة لتدريب الطفل وتعليمه، ومنحه أكبر قدر ممكن من المهارات المطلوبة.
- تقليل العبء الخاص برعاية واهتمام الأطفال بشكل خاص، والمجتمع بصورة عامة.
- مساندة أفراد الأسرة له على الانخراط وتقبل أنفسهم في المجتمع، وكذلك أنشطته المتنوعة، ومعالجة اهتمامات الأسر، ومساندتها على تدريب الطفل وتقبله.
- تجهيز ما هو مطلوب سواء إرشادي أو علاجي؛ بحيث يساهم في منح ما يحتاجه هؤلاء الأسر من معلومات خاصة بالطفل.
- توطيد العلاقات بين أفراد أسرة الطفل، وبين باقي الخدمات المسئولة عن التعاون والرعاية بينهم.
- تقليل تكاليف الاهتمام بالطفل ورعايته في المستقبل البعيد.
- التخلص من الطاقة والتفكير السلبي بصورة إيجابية، وتقليل الضغوط النفسية، والبحث عن حلول مناسبة لاحتياجات وأولويات الأسر، وتعزيز الوعي الاجتماعي والصحي لأفراد الأسرة، والبحث عن مصادر متنوعة للدعم.
الفوائد التي تنعكس على المجتمع
وكما ساهمت برامج التدخل المبكر في انعكاس فوائد على الطفل والأسر بشكل خاص، انعكس كذلك على المجتمع بصورة كبيرة، وكما ذكرنا أن الكثير من المجتمعات المتقدمة اتخذت هذه البرامج كعلاج فعال وسريع، وإليكم أبرز الفوائد:
النفع الاقتصادي
تنعكس برامج وخدمات التدخل المبكر بالفائدة على كلاً من الفرد والأسرة والمجتمع، فالطفل الواثق والمعتمد على نفسه، والذي يتعلم بشكل أكثر فاعلية يخفف الاعتماد على ما يحتويه المجتمع من مؤسسة، مما يحقق نفع اقتصادي للمجتمع، فنجد المستفيدون من هذه البرامج يظهر بوضوح عليهم تقدم ملحوظ سواء كان اجتماعي أو أكاديمي، فيتراوح ما تعود به تلك البرامج على الدولة بما يتراوح من 10000 وحتى 30000 دولار في السنة ولكل طفل، وذلك على حسب الدراسات والبحوث الأمريكية، فعندما يتم استثمار دولار واحد في مرحلة الطفولة سينعكس فائدته على الدولة مستقبليًا من 7 حتى 10% كنوع من الاستثمار طويل الأمد.
توفير تكلفة مادية
قامت وود بإجراء اختبار تحليل الفوائد الاقتصادية لهذه البرامج على الطفل، في كثير من الدراسات المقيمة، وإجراء حسابات بشأن مجموعة التكاليف المتعلقة بالتربية الخاصة للطفل وحتى وصولوه إلى سن 18، وإجراء مقارنة بين التكلفة إذا تم بدء الخدمات والبرامج المتعلقة بالتربية الخاصة بعد الميلاد، وفي الحقبة من سنتين إلى 6 سنوات، حيث اتضح أنها توفر حوالي 1600 دولار في كل سنوات الدراسة، فمتوسط التكلفة عند الميلاد في السنة تعادل 2021 دولار، ولكن في حال بدأت منذ السنين ستبلغ 2310 دولار في السنة.
القضاء على مشكلة عدم تساوي الفرص
يساهم برامج التدخل المبكر في الحد من مشكلة عدم التساوي بين الفرص الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال توفير ظروف لذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال ذوي النصيب الأقل حظًا كي يبدئوا بداية متساوية في البيت والمدرسة، فضلاً عن أن هذه البرامج يمكنها العمل كاستراتيجية هادفة لتطور وتقدم العمل الجماعي، دورها الهام في التوضيح للمسئولين على طريقة وقاية الطفل واستيعاب مطالبه والعمل على تحقيقها، وتعزيز دور المعلم ومطور الرعاية ومقدمها على المشاركة في مساندة الطفل المتأخر.
نظام شامل
تعمل برامج وخدمات التدخل المبكر كجزء من نظام متكامل لدى برامج الطفولة، وتسعى للانخراط في خدمات التوعية في المجتمع، وتهتم بأهمية الاكتشاف المبكر، ونسبة التأخر في مراحل النمو للأطفال والرضع، بالإضافة إلى دورها الكبير في الرعاية بالتوعية والإعلام لاستيعاب أسباب الإعاقات، وطرق اكتشافها في وقت مبكر، وطرق التعامل معها.
مبررات التدخل المبكر
ومن أهم مبررات التدخل المبكر؛ أن التعليم في عمر ما قبل دخول المدرسة؛ يكون أسهل وأسرع من أي مرحلة عمرية أخرى من التعليم، كما أن مسؤولية تنمية المهارات والمبادئ تقع على عائق كلاً من الوالدين، وإليكم أبرز المبررات الأخرى:
- اتباع ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال تحديدًا المتأخرين في النمو نفس نهج النمو الطبيعي؛ بالرغم أنه عادةً لا يتم على نفس درجة الأداء الوظيفي.
- حرص أسر الأطفال المعوقين على تكوين قواعد ثابتة متعلقة بكيفية بناء أطفال من أجل تجنب وقوعهم في اضطرابات مستقبلية.
- ومن أهم الأسباب الهامة للتدخل المبكر؛ تأخر النمو خلال الخمس سنوات الأولى نظرًا لظهور عدد من الاحتمالية السيئة التي ستظل على قيد الحياة.
برامج التدخل المبكر لأطفال التوحد
هناك عدة أساليب متبعة تساهم في التخفيف من شدة الإعاقة عند ذوي الاحتياجات الخاصة تحديدًا فئة التوحد، ووجب التنويه أنها لا تعتبر وسيلة للعلاج، وإنما دورها مساعدة البرامج السلوكية والتربوية الخاصة بأطفال التوحد، وإليكم أبرز هذه البرامج:
اتباع نظام غذائي
أشار عالم يدعى “بول شاتوك” أن السبب الرئيسي في تعرض الأطفال لاضطراب التوحد؛ أنه ينجم عن تأثير مادة البيتايد والتي تتكون من البروتينات الناتجة عن عملية الهضم، وتنشأ بسبب التحليل الغير مكتمل خلال عملية الأيض لعدد من أنواع الأطعمة تحديدًا الجلوتين وهو يعد من بروتينات القمح، فيؤثر على التوصيل العصبي فيحدث خلل في أنظمته.
فينجم عنها اضطرابات في مختلف النواحي الانفعالية والمعرفية والنظام المناعي وكذلك القناة الهضمية، وقد تكون التطعيمات واحدة من أسباب تعرض الأطفال للتوحد، لذا يوصي والدي هؤلاء الأطفال بعدم تناول أطباق تحتوي على الكازيتين والجلوتين، فمن شأن هذه الطريقة مساعدة عدد كبير منهم على تحسين عدد من المظاهر السلوكية فيصبحون أكثر قدرة على التدريب والتعليم.
جرعات هرمون السكرتين
تعد هذه الطريقة من أكثر الطرق التي تؤثر بشكل إيجابي على الأطفال المصابون بالتوحد، من خلال تناولهم لجرعة واحدة من هرمون السكرتين، ويوصي “الشمري” باستخدام كلاً من السكرتين مع السيريناد، كجرعة علاجية واحدة نظرًا لما يحتويه السكرتين على آثار جانبية على أكثر من حالة تعامل معها الشمري، فتأثير جرعة واحدة تستمر فترة من 3 شهور إلى سنة، ويوصي الشمري بعدم تناول الجرعة الثانية إلا بعد مرور 3 أشهر من تناول الجرعة الأولى.
العلاج بالفيتامينات
قام العالم رملاند وهو من أكثر الباحثين الذين استعملوا العلاج بالفيتامينات وعنصر المغنيسيوم، لتحسين سلوك الأطفال المصابون بالتوحد، وأوضحت تجارب رملاند أن أجسامهم تحتاج إلى نسبة من الجرعات الغذائية لا تتوافر في المواد الغذائية العادية، حيث يحتاجون إلى جرعات زائدة من فيتامين B6 تعادل من 30 :300 مليجرام، وكذلك عنصر المغنيسيوم ما بين 350:500 مليجرام، فعند إضافة هذه النسب إلى أطباقهم الغذائية، يتحسن سلوك معظم هؤلاء الأطفال في الكثير من النواحي مثل التحدث، والتواصل البصري، وتحسن عادات النوم، واستخدام الكلمات، والانتباه.
برامج التدخل المبكر
وهناك مجموعة من البرامج المختلفة التي تقع ضمن بند التدخل المبكر، والذي أصبح من أهم الأولويات في العديد من بلدان العالم المتقدمة، حيث فرضت حكومات تلك الدول قوانين وتشريعات توحي بأهمية الكشف عن مشاكل الأطفال وتشخيصها، كي يتم علاجها في أسرع وقت ممكن، وإليكم أهم أنواع البرامج المستخدمة:
برنامج بورتج
وهو يعد نظام تعليمي يتم تطبيقه على ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال منذ الولادة وحتى 9 سنوات، بحيث يكون دور المشروع تدريب الوالدين على طريقة تعليم أبنائهم والتواصل معهم بشكل صحيح، لذا يعتبر من أهم البرامج التثقيفية للوالدين تحديدًا الأمهات، حيث يؤهلهم كي يصبحوا مدرسات حقيقيات لتعليم أبنائهم المعوقين، وهذا البرنامج يتم تطبيقه على الطفل والأم في المنزل كونه الأكثر مناسبة لبيئة الطفل، كما يخدم الذين يعانون من التأخر الحركي والتأخر العقلي أيضًا، وكذلك الشلل الدماغي بنوعيه البسيط والمتوسط ما عدا الإعاقات المزمنة، والمكفوفين، والصم.
برنامج فوجاتا
يعتبر من أقوي البرامج التدريبية في التدخل المبكر، حيث بدأ تطبيقه في دول ألمانيا عن طريق طبيب ألماني يسمى فوجتا، فالهدف منه تعليم وتدريب الأمهات ممن يمتلكون أطفال من ذوي الهمم تحديدًا ذوي الإعاقة الحركية في عمر مبكر “بدايةً من الولادة وحتى سن 5 سنوات” على طرق تحفيز هؤلاء الأطفال ممن يعانون من اضطرابات في النمو الحركي عن طريق الضغط بشكل معين على بعض المناطق في الجسم لتعزيز عضلات وعظام الطفل.
برنامج سكاي هاي
يعتبر برنامج سكاي هاي من البرامج التعليمية التي تستخدم في معظم البلدان للتدخل المبكر، منذ ولادة الطفل وحتى عمر 4 سنوات، للأطفال من ذوي الهمم ممن يعانون مشاكل في السمع، فهذا البرنامج يركز على نواحي متنوعة أهمها سبل التواصل مع ضعيفي السمع من الأطفال عن طريق تدريب نطقي وسمعي، وغيرها من الطرق التواصلية كمدخل التدريب الحركي، والاجتماعي، والإدراكي، والمساعدة الذاتية.
برنامج تي دي إس أي
هذا البرنامج تم تطبيقه بداية من سنة 1974 تحت اسم “برنامج الرعاية الوالدية لأطفال متلازمة داون”، وهو من البرامج التعليمية التي تدخل ضمن برامج التدخل المبكر، حيث يهدف إلى تعليم الوالدين ممن لديهم أبناء من متلازمة داون مباشرةً بعد الولادة وإلى سن 3 سنوات، ويعد كلاً من الآباء والأمهات معلمين أساسيين في تعليم هؤلاء الأطفال.
مراحل تطور برامج التدخل المبكر
تطورت البرامج الخاصة بالتدخل المبكر منذ بدء انطلاقها إلى ثلاث مراحل أساسية:
- المرحلة الأولى: كان التركيز يعتمد على تزويد الرضع بخدمات وأنشطة علاجية متنوعة تحديدًا التي تهتم بتوفير الإثارة لهم.
- المرحلة الثانية: اهتم التدخل المبكر بدور الأب والأم كمساعدين أو كمعلمين لأبنائهم المعاقين.
- المرحلة الثالثة: أصبح الاهتمام الآن على الأسرة من خلال وصفة بأنه أكبر محتوى اجتماعي يؤثر على مراحل نمو الطفل المختلفة، حيث أصبح تشجيع الأسرة ودعمها أكثر أهمية من أي طريقة أخرى.
استراتيجيات التدخل المبكر لذوي الاحتياجات الخاصة
كما أن هناك مجموعة من الاستراتيجيات المقترحة للأطفال المعوقين عقليًا، فعملية التعلم ليست سهلة لهؤلاء الأطفال نظرًا لخفض القدرة العقلية لديهم، مما يجعلهم يحتاجون لخطوات خاصة يحرص المعلم على القيام بها عند تعليمهم، وإليكم هذه الاستراتيجيات:
- أن يحرص المعلم على جذب انتباه الطفل أطول فترة ممكنة.
- يجب الحرص عند تعليمه على التدرج في تعليم المهارات السهلة فالأصعب ثم الأشد صعوبة.
- تحفيز الطفل وتشجيعه عند القيام بمحاولات ناجحة سواء ماديًا أو معنويًا.
- في حال تعليم الطفل مهارات أو معلومات جديدة؛ يجب تذكيره بالمعلومات والمهارات السابقة.
- تنمية مهارة العناية بالذات.
- تنمية مهارة التواصل الاجتماعي مع أقرانه ومع غيرهم من الأشخاص الطبيعية.
- تنمية مختلف النواحي الخاصة بالنمو مثل الانتباه والتذكر والإدراك.
- التخلص من المثيرات التي تشتت انتباهه.
- استعمال أسلوب النمذجة.
أثبتت الدراسات أن التدخل المبكر يقلل من التأثيرات السلبية للإعاقة أيًا كان نوعها، فيحقق نسب نجاح مرتفعة عن التدخل المتأخر، بالإضافة إلى انه بمثابة أساس متين للتعليم داخل المدارس الابتدائية، والتفاعل الاجتماعي الإيجابي من الأقران والمعلمين وعلى المدى البعيد جميع الأشخاص.