التدخل المبكر للإعاقة السمعية مع أهم الأسس المتبعة فيه
هل لاحظتِ تأخر طفلكِ في الانتباه للأصوات من حوله؟ هل طفلكِ لا ينظر إليكِ عندما يسمع صوتكِ، الإعاقة السمعية من أكثر الأشياء التي يجب البحث ورائها مبكرًا، فهي من الأمراض التي يمكن تخفيف الآثار المترتبة عليها عند اكتشافها في سن مبكر، فالتدخل المبكر للإعاقة السمعية له دور كبير في علاج هذا الأمر، فكلما تأخرنا، كانت فرصة الشفاء أقل، ولكن كيف يكون التدخل المبكر للطفل المعاق سمعياً؟ وما هي أسسها؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال السطور القادمة.
ما هو معنى التدخل المبكر للإعاقة السمعية؟
إن الإعاقة السمعية لها الكثير من الآثار الجانبية المترتبة عليها منها: مشاكل في التواصل وإعاقات تواصلية واجتماعية ومشكلات بالتخاطب لا حصر لها، فحتى وإن كان التدخل المبكر لا يمنع حدوث هذه المشكلات مطلقًا، إلا إنه يقلل منها قدر الإمكان ويخفف من حدتها، كما أن التدخل المبكر أيضًا يعطي فرصة أكبر للوالدين؛ لتعلم أساسيات التعامل مع الطفل المعاق سمعياً، وفي نفس الوقت يعمل على تخفيف الأعباء المادية عن الأهل، فمن المعروف أن هذا الأمر مكلف مادياً لدرجة كبيرة.
إن التدخل المبكر للإعاقة السمعية ليس بمفهوم حديث، ولكن مع تطور العلم ووسائل التشخيص، ومع تحديث المعينات السمعية، وكذلك تغير وجهات النظر للعاملين في هذا المجال عامةً من أطباء وأخصائيين للتشخيص والقسم الجراحي والتأهيلي والنفسي، أدى إلى إرساء أسس التدخل المبكر لدى المعاقين سمعياً، من الجدير بالذكر أن التدخل المبكر في حالة الإعاقة السمعية يعتمد في الأساس على تأهيل الأسرة وتنمية إدراكها لهذا الأمر، وتثقيفها حول مساعدة الطفل من النواحي الاجتماعية والنفسية.
أسس التدخل المبكر للإعاقة السمعية
إن أهم الأساسيات التي يعتمد عليها التدخل المبكر للإعاقة السمعية هو: كيفية تطوير ذات الطفل وجعله شخصًا قادرًا على التعامل في كل مواقف الحياة، وجعله يملك القدرة على اختيار طريقة حياته، وذلك على المدى البعيد، وأما على المدى القريب فإنه يساهم بشكل فعال في مساعدة الأهل على التأقلم مع وضع طفلهم، ومع الوضع الجديد لنظام وأسلوب حياتهم، وكذلك كيفية تأهيله للوصول إلى مستوى مناسب من النضج الانفعالي والاجتماعي الذي يجعله متناسبًا إلى حد ما مع سنه، على الرغم من أن الأمر يهتم بالطفل، إلا أن التدخل المبكر يعتمد في الأساس على طريقة تعليم الأهل كيفية التعامل مع ذوي الإحتياجات الخاصة من أصحاب الإعاقة السمعية.
إذ أن الأهل هم المحرك الرئيس وراء كل تطور يحدث للطفل في هذا العمر، فالبيت هو مركز التعلم الأول له، فمهما كانت عدد الساعات التي يقضيها في مراكز التخاطب والتعلم، إلا إنها لا تشكل واحد في المائة من الأساسيات التي يرسخها البيت في عقله في هذا السن، من هنا أتت أسس التدخل المبكر لدى المعاقين سمعياً ألا وأهمها: تطوير الأهل؛ لتقبل الوضع الجديد الذي يفرضه عليهم طفلهم سواء: كان في هذا العمر أو في السنوات المقبلة، وعلى هذا فإن الدورات التدريبية التي يأخذها الأهل تعد هي الأساس في مرحلة علاج الطفل المعاق سمعياً.
أهمية التدخل المبكر للإعاقة السمعية
لكي ينجح برنامج التدخل المبكر، لا بد من توفر فريق كبير من التخصصات العديدة التي تخدم في الأساس الأهل والطفل، وكيف يكون هذا الفريق على قدر كبير من التعاون بينه وبين المؤسسات المساهمة أيضًا في العملية التشخيصية والتأهيلية والعلاجية؟ ولعل من أهم مبررات ضرورة تطوير التدخل المبكر وأهمية وجوده في الأساس ما يلي:

المحافظة على مستوى معين من التطور المتزامن للطفل
تكمن المشكلة في حالة الطفل المعاق سمعياً ليس فقط في معالجة المشكلة السمعية، ولكن المشكلة الرئيسة هي: عدم قدرة الطفل على التواصل اللغوي مع من حوله، وهذا ما يجعل الطفل في تحدي حقيقي بينه وبين العالم المحيط حوله، خاصةً عندما يصل لسن المدرسة وهو لا يستطيع التواصل مع الآخرين؛ لذلك كان هناك أهمية قصوى من التدخل المبكر للإعاقة السمعية.
تطوير اللغة والكلام عند الطفل
ليس الهدف من التدخل المبكر إيقاف المشكلة عند حد معين، بل إن الهدف الرئيس هو: محاولة الوصول إلى مستوى معين من التطوير في اللغة والكلام، فعندما نجد أن المشكلة قد اكتشفت مبكراً، نجد أن نسبة الوصول إلى المستوى الطبيعي من الكلام أكبر منه في حالة تأخر التدخل.
تقديم الدعم للأهل
من ضمن أهمية التدخل التدخل المبكر في الإعاقة السمعية أيضًا هو: تقديم الدعم للأهل والقائمون على رعاية الطفل، وذلك من حيث النواحي الانفعالية تجاه الطفل، وكذلك النواحي العملية في كيفية التعامل مع حالة الطفل، وتقديم النصائح لهم بشأن التصرف الصحيح تجاه بعض الأمور.
تقليل التكاليف المادية
إن الاكتشاف المبكر لوجود أي إعاقة سمعية لدى الطفل يقلل من كم التكاليف المادية المستخدمة في تأهيل هؤلاء الأطفال، فعندما يكتشف هذا الأمر لأول مرة يقع على مسمع الأهل كالصاعقة، من ضمن الأشياء التي يشعرون بالعجز هي: النواحي المادية؛ لذلك فإن المعرفة المبكرة للمشكلة وإدراكها يساهم بنسبة كبير في سرعة حلها.
الاختصاصيون الذين يشاركون في فريق التدخل المبكر
عند تقديم خدمات التدخل المبكر للإعاقة السمعية، يجب أن تكون هناك عدد من المؤسسات التي تشارك عملياً في هذا الأمر، وذلك لتحديد طريق البدء وكيفية السير في هذا الطريق؟ وفي نفس الوقت لا بد وأن يكون هناك تعاون كبير بين أعضاء هذا الفريق، وذلك للوصول إلى أعلى مستوى من النتائج المرجوة، ومن ضمن المختصون الواجب مشاركتهم في هذا التأهيل ما يلي:

- أطباء تطوير اللغة عند الطفل.
- اختصاصي التخاطب والكلام.
- استشاريين قياس السمع.
- اختصاصي تأهيل المعاقين سمعياً.
- الأطباء الاستشاريون، ومنهم: طبيب الأطفال، وطبيب جراحة المخ والأعصاب وغيرهم من الأطباء، وما يحدد هذا الأمر هو مدى كفاءة هذا الطبيب، وإمكانياته وخبراته في مجاله.
ما هو البرنامج التأهيلي الموجه للأهل والطفل؟
عند بداية اكتشاف التدخل المبكر، كان التوجه في الأساس ناحية الطفل فقط، ولكن في الفترة الأخيرة ومع تطور فكرة التدخل المبكر للإعاقة السمعية، بدأ التوجه ناحية الأهل يزداد تدريجياً وذلك؛ نتيجة لاكتشاف دور الأهل الأساسي في تأهيل الطفل، وأما عن البرنامج التأهيلي حول هذا الأمر، فقد قام هورتون بوضع أهداف هذا البرنامج، وهي كما يلي:
- تعليم الأهل كيفية جعل الجو السمعي الذي يعيش فيه الطفل مثالياً ومهيأ قدر الإمكان.
- توجيه الأهل حول كيفية التكلم مع طفلهم وكيف يكون الجو العام المحيط بالطفل مشجعًا له على تطوير مهاراته قدر الإمكان.
- تعليم الأهل طرق التدبير السلوكي.
- محاولة تقديم الدعم النفسي للأهل حول كيفية تأقلمهم مع شعور الطفل تجاه بعض الأمور، وكيف يجعلونه يتخطى هذا الشعور بأمان.
- تأهيل الأهالي لطرق التربية النفسية للأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة، لمساعدتهم علي تقبل وضعهم وعدم إحساسهم بالإختلاف.
مشكلة الإعاقة السمعية لم تعد بنفس القدر الذي كانت عليه من قبل؛ فالتدخل المبكر لها في هذه الأوقات أصبح سبباً في حل المشكلة بطريقة صحيحة ووضع اليد على الحلول المثلى؛ لتخطي هذا الأمر؛ لذا يجب أن يكون في كل دول العالم منظومة متكاملة لعلاج هذه المشكلة مبكرًا؛ تجنبًا لتفاقمها فيما بعد، وتحاشياً للآثار الجانبية المترتبة على ذلك.