العناية بالطفل

العلاج السلوكي للأطفال | ما هي خطوات وفنيات علاج الطفل سلوكيًا

ثبت مؤخرًا من خلال الكثير من التجارب الحية أن العلاج السلوكي للأطفال هو أكثر فاعلية من غيره من طرق العلاج العشوائية التي كان الآباء يستخدمونها في الماضي لمنع أطفالهم من السلوكيات السلبية التي تزعجهم، فهو يعتمد بالكلية على طرق علمية بحتة تقوم على فهم نفسية الطفل وتحديد الأسباب التي تؤدي به لتلك السلوكيات، وعندما نتخلص من السبب تحل المشكلة بسهولة، تعرفوا معنا على كيفية العلاج السلوكي للطفل داخل المنزل.

أسباب السلوكيات السلبية للطفل

بالطبع هناك العديد من الأسباب التي تعود وراء تصرف الطفل بشكلٍ سلبيٍ يضايق أبويه ويؤذي من حوله، فالطفل ولد على الفطرة، كما أننا لابد وأن ننظر إليه دائمًا على أنه رد فعلٍ، وليس فعلٍ، ومن هنا تأتي أهمية أن نذكر الأسباب التي قد تؤدي بالطفل لانتهاجه مثل هذه السلوكيات، وهي كالتالي:

  • تأثر الطفل بالبيئة المحيطة به واكتساب السلوكيات السيئة منها.
  • الخوف عند الطفل وافتقاده للشعور بالأمان بسبب عدم تهيئة الجو الأسري الدافئ له
  • جميع أشكال التفاعلات التي تربط الطفل بوالديه وبمن حوله، صغارًا وكبارًا.
  • العامل الوراثي كذلك له دوره في هذا الشأن.
  • عدم تعامل الأبوين مع الطفل بالشكل السليم وانتهاجهما أسلوبًا غير تربوي وغير سليم.
  • التدليل الزائد للطفل من قبل الأبوين أو الأجداد.
  • الحماية الزائدة التي يقوم بها الأبوان بسبب ضعف البنية الجسمانية للطفل أو إصابته بمرضٍ ما.
  • اتباع الوالدين أسلوب شديد الصرامة مع الطفل، كتوبيخه وضربه.
  • تقييد حركة الطفل وعدم إعطائه القدر الكافي من حرية اللعب والحركة.
  • إهمال إعطاء الطفل احتياجاته النفسية والتعبير له عن الحب والحنان على مدار اليوم.
  • قيام الطفل بتقليد بعض الأطفال الآخرين الذين يقومون بنفس السلوكيات السلبية.
  • غيرة الطفل من المولود الجديد وإهمال أبويه للطفل المريض لبعض الوقت بسبب انشغالهما بالصغير.

ما هو العلاج السلوكي للأطفال؟

العلاج السلوكي للأطفال هو علاجٌ معنيٌ بمعالجة الاضطرابات النفسية والعقلية لدى الطفل، وذلك من خلال تحديد السلوكيات السيئة وغير الصحية له والعمل على تغييرها، وينبني هذا الأسلوب في العلاج على فكرة أن جميع سلوكيات الإنسان قابلة للتغيير والتعديل، حيث أنها نابعة عن أسلوب تفكيره والمشاعر التي تسيطر عليه.ما هو العلاج السلوكي للأطفال؟من خلال فهم نفسية الطفل ومعرفة الأفكار التي تدور بعقله والمشاعر التي تداهمه في معظم الوقت يتمكن الطبيب من معرفة السبب وراء السلوك السيء لديه، فيقوم بتغيير الأفكار، ومن ثم تتغير المشاعر، وتباعًا يتغير السلوك، هناك الكثير من الحالات المرضية التي يجدي معها العلاج السلوكي المعرفي للأطفال، منها التوحد وفرط الحركة والتشتت، والآن تاعرف على الكيفية التي يتم بها العلاج.

كيف يكون العلاج السلوكي للأطفال؟

يعتمد العلاج السلوكي للأطفال على التعزيزات والمكافآت التي يتلقاها الطفل عندما يصدر منه تصرفٌ إيجابي، إلى جانب العقاب المناسب لسنه، بحيث يقوم سلوكه دون أن يترك في نفسه أثرًا سيئًا، وهذا من شأنه التخلص من السلوكيات السلبية للطفل داخل المنزل أو في المدرسة، وعلى الرغم من اختلاف طرق العلاج السلوكي المعرفي للأطفال، إلا أنه في جميع المراحل العمرية يقوم المعالج بتشجيع الطفل على انتهاج سلوكيات جديدة وتشجيعه عليها وعدم تسليط الضوء على سلوكياته السيئة.

متى يجب العلاج السلوكي للأطفال؟

من الأهمية بمكان أن يكون الأبوين على درايةٍ بالسلوكيات التي يفهمان منها أن طفلهما سليمٌ نفسيًا أو يتنبؤون بوجود مشكلةٍ ما، فهذا يساعدهم على التعامل في الوقت المناسب وبالشكل السليم مع أي مشكلة قد يواجهها الطفل، والطفل، حاله كحال البالغ، معرضٌ للإصابة ببعض الأمراض النفسية، مثل الاكتئاب والتوتر، وهي مشكلات تحتاج لعلاجٍ مناسبٍ ولا يمكن تجاهلها.

أعراض المشاكل السلوكية لدى الطفل

تظهر على الطفل بعض الأعراض التي تنبئ عن وجود مشكلة ما، والتي لابد وأن ينتبه لها الأبوان، وأهم أعراض احتياج الطفل للتدخل العلاجي واللجوء إلى العلاج السلوكي المعرفي للأطفال هي كالتالي:

  • شعور الطفل بالقلق والتوتر والخوف الشديد في معظم الوقت.
  • سيطرة مشاعر الحزن وفقدان الشغف والأمل على الطفل.
  • ردود الأفعال المبالغ فيها تجاه المواقف العادية والغضب السريع المستمر.
  • شعور الطفل بفقدان السيطرة على نفسه وخوفه من تحكم شخصٌ ما بعقله.
  • ضعف الشخصية عند الأطفال وعدم قدرتهم على اتخاذ قرارات حكيمة.
  • حدوث اضطرابات في النوم وتناول الطعام.
  • إهمال الطفل لمظهره الخارجي وشكواه الدائمة من مرضٍ جسمانيٍ.
  • انعزال الطفل عن المحيطين به ورغبته في أن يكون وحيدًا طوال الوقت.
  • تحدث الطفل عن الموت والأفكار الانتحارية.أعراض المشاكل السلوكية لدى الطفل
  • فقدان الطفل قدرته على اتخاذ القرار أو التفكير بهدوء أو التركيز.
  • رؤية الكوابيس الليلية بشكلٍ متكررٍ.
  • عدم قدرة الطفل على المكوث في مكانٍ واحدٍ لوقتٍ طويلٍ.
  • ترك بعض الاهتمامات والأنشطة التي كان الطفل يستمتع بها.
  • انخفاض المستوى الدراسي وعدم تحمس الطفل للذهاب إلى المدرسة.
  • صدور بعض السلوكيات الخاطئة من الطفل، كتناول المخدرات.
  • توهم الطفل بسماع بعض الأصوات الخيالية.
  • صدور بعض السلوكيات المؤذية من الطفل، كأن يقتل الحيوانات أو يشعل الحرائق ويؤذي الناس.

كيفية التصرف عند ظهور أعراض المرض

في حال ظهرت على طفلك أي من هذه الأعراض التي تنبئ بمعاناته من مشكلةٍ نفسيةٍ ما، جميعها أو البعض منها، فإنه لابد من التحدث مع طبيبٍ نفسيٍ مختص بعلاج المشكلات التي تصيب الأطفال، بحيث تخبره كل ما ظهر على طفلك من أعراض وتبثه مخاوفك وشكوكك، ويمكنه الجلوس مع الطفل ليقرر ما إذا كان مريضًا بالفعل ويحتاج إلى العلاج المعرفي السلوكي للأطفال في هذه الفترة، وهنا يبدأ الطفل رحلة العلاج مع أحد متخصصي العلاج السلوكي للأطفال ليحدد أفضل طرق العلاج ويتابع حالة الطفل.

أهداف العلاج السلوكي للأطفال

بالطبع هناك العديد من الأهداف التي يرمي إليها الأبوين من وراء اللجوء للعلاج السلوكي لعلاج سلوكيات الطفل السلبية والتخلي عن الأساليب العشوائية التي تضر أكثر مما تنفع ويتنج عنها المزيد من السلوكيات السلبية من قبل الطفل، ومن أهم أهداف العلاج السلوكي  للأطفال ما يلي:

  • معرفة ما هو المطلوب من الطفل من قبل الأبوين والطفل نفسه بوضوحٍ تامٍ.
  • معرفة الطفل أوامر والديه بدقة وعواقب طريقة استجابته لها، من حيث الثواب والعقاب.
  • توضيح الخطوات التي تتكون منها الأوامر الموجهة للطفل، والمطلوب منه إنجازها.
  • تحويل حياة الطفل من كونها عشوائية إلى حياة منظمة وتعليمه ترتيب أغراضه.
  • زيادة قدرة الطفل على توقع ردود أفعال أبويه على تصرفاته الإيجابية والسلبية.
  • وضع جدول محدد للمهام التي على الطفل القيام بها.
  • إزالة كل ما يسبب تشتت الإنتباه عند الأطفال عن كل ما هو إيجابي ومفيد.

أنواع العلاج السلوكي للأطفال

على حسب حالة الطفل يحدد الطبيب المعالج أسلوب العلاج الذي ينتهجه، وهناك خمسةٌ من أنواع العلاج المعرفي السلوكي للأطفال، وهي الإدارة السلوكية الصفية وتدخل الأقران السلوكي وتدريب الأهل السلوكي وتضافر الإدارة السلوكي والنمذجة، وكلها أساليب تعتمد على تغيير سلوك الطفل من خلال تغيير أفكاره ومشاعره، وفيما يلي نسرد الشرح حول كلٍ من هذه الأساليب العلاجية المختلفة.

العلاج بالإدارة السلوكية الصفية

يقصد بهذا النوع من العلاج التخلص من مشاكل الطفل داخل المدرسة، وهو مصمم بحيث يعزز سلوكيات الطفل الإيجابية ويمنعه من السلوكيات السلبية داخل الفصل والمدرسة، هذا إلى جانب أنه يشجع الطفل على التفوق وزيادة التفاعل والمشاركة الأكاديمية داخل الفصل، ولابد من مشاركة معلم الفصل في هذا الأسلوب من العلاج، وقد ثبت فعاليته في علاج مشكلاتٍ مثل فرط الحركة والنشاط واضطراب نقص الانتباه.العلاج بالإدارة السلوكية الصفية

التدريب السلوكي للأهل

هذا النوع من العلاج يعتمد على تدريب الأهل على كيفية دعم السلوكيات الإيجابية للطفل وتخليصه من السلبي منها، ولابد وأن يسبق هذا تقوية الأواصر بين الطفل وأبويه، وعلى الرغم من تدخل المختص المتابع لحالة الطفل، إلا أن الأبوين يقومان بالدور الأكبر لعلاج طفلهما في هذا الأسلوب من العلاج، إذ أنهما منوطان بمراقبة سلوك الطفل داخل المنزل وتصحيحها عن طريق استخدام أسلوب الثواب والعقاب المناسب.

التدريب السلوكي للأقران

من خلال هذا النوع من العلاج يتم الاستعانة بصديقٍ أو أكثر للطفل الذي يعاني من مشكلةٍ ما، فهم من يتدربون على كيفية التعامل معه ودعم السلوكيات الإيجابية لديه وتحسين سلوكياته السلبية ودفعه وتحفيزه لتحسين أدائه الدراسي، وذلك من خلال بعض الاستراتيجيات الأكاديمية والاجتماعية، ويمكن اتباع أكثر من طريقة عند اعتماد هذا النوع من العلاج، مثل الدروس الخصوصية أو تشكيل الأقران.

العلاج السلوكي المتضافر

من خلال هذا النوع من العلاج يتم الاستعانة بأكثر من نوع من العلاج السلوكي للأطفال في آنٍ وحدٍ، مثل تدريب الأهل السلوكي والتدريب السلوكي للأقران والإدارة السلوكية الصفية، وهذا الأسلوب في العلاج فعالٌ للغاية في التخلص من مشكلاتٍ مثل فرط الحركة والنشاط واضطراب نقص الانتباه والتشتت.

العلاج بالنمذجة

يعتمد هذا النوع من العلاج على إظهار المعالج النفسي الاستجابة الإيجابية لما يمر به من مواقفٍ سلبيةٍ، وهو هنا يحفز الطفل لتقليده ويعزز هذه الرغبة لديه، وبعدما يرى النتيجة السلبية بنفسه للسلوكيات السيئة ينأى عنها، وقد ظهرت فاعلية هذا النوع من العلاج في بعض مشكلات الأطفال النفسية، مثل التوتر والقلق والاكتئاب.

كيف يتلقى الآباء العلاج المعرفي السلوكي؟

ذكرنا فيما سبق أن جرءًا مهمًا من العلاج السلوكي للأطفال يكون بتدريب الأبوين على تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطفل والتعامل مع السلوك السلبي بالشكل الصحيح الذي يضمن تخلي الطفل عنه بمرور الوقت، فليس من الجيد أن يعاقب الطفل بشكلٍ متكررٍ على مدار اليوم، فذلك يزيد من تفاقم المشكلة ويجعلها تمتد معه، ربما مدى الحياة.

من خلال العلاج السلوكي المعرفي للآباء يتدربون على طرق إدارة السلوكيات السيئة للأطفال الذين يعانون من مشاكل مثل فرط الحركة أو تشتت الانتباه أو التوتر والاكتئاب والقلق، وذلك عن طريق حضور عددٍ من الجلسات مع المعالج الذي يعلمهم كيفية التعامل الصحيح، يقوم المعالج بمساعدة الوالدين على تحديد المواطن التي تحتاج لتدخل وتعديل، ومن ثم يعلمهم كيفية العلاج السلوكي للأطفال بها.

خطوات العلاج السلوكي للأطفال

خطوات العلاج السلوكي للأطفالبدلًا من استخدام الأساليب العشوائية من قبل الأبوين لمعالجة السلوكيات السيئة لدى الأطفال يفضل إخضاع الطفل إلى علاجٍ نفسيٍ تحت إشراف أحد المتخصصين، بحيث يقوم باتخاذ كافة الخطوات التي تساعد الطفل على التحسن، والحقيقة أنه هناك خطواتٍ ثلاثٍ للعلاج المعرفي السلوكي للأطفال، الخطوة الأولى هي خطوة تحديد السلوك المراد تعديله ودراسته، والخطوة الثانية هي تشخيص الحالة، وبعدها تأتي الخطوة الثالثة، وهي خطوة العلاج، وكلٌ من هذه الخطوات الثلاث لها عدة مراحل أو محاور، نوردها جميعها فيما يلي.

خطوة تحديد السلوك المراد تعديله ودراسته

تعتبر هذه الخطوة هي حجر الأساس لعملية التشخيص والعلاج السليمة التي يقوم بها المعالج النفسي المختص للطفل، ولا يمكن بحالٍ من الأحوال الاستغناء عنها، فمن خلال هذه الخطوة يتمكن المعالج من الاستماع لشكوى الأبوين وتحديد السلوك السلبي الذي يصدر من الطفل ومحاولة البحث عن أسبابه، ويندرج تحت هذه الخطوة ثلاث خطوات فرعية، نوردها فيما يلي.

تحديد تاريخ السلوك السيء للطفل

لابد من استيفاء المعالج الإجابة على بعض الأسئلة من الأبوين، أهمها تاريخ إتيان الطفل بالسلوك السلبي الذي يشكوان منه، متى حدث ذلك للمرة الأولى؟ وما هي الأسباب وراء ذلك، من وجهة نظر الأبوين؟ وإلى أي مدى تطور هذا السلوك سلبًا؟ وهل تزداد حدة هذا السلوك في مواقف معينة؟ وما هي هذه المواقف؟ وهل يكون الطفل سعيدًا وهو يقوم بهذا السلوك أم يكون مكتئبًا حزينًا؟ وما هي الطريقة التي اتبعها الوالدان من قبل لنهي الطفل عن القيام بذلك السلوك؟ وهل قاما قبل ذلك بضربه أو زجره لهذا السبب؟ وما كان تأثير ذلك على الطفل؟ يقوم الوالدان بالإجابة وتدوين كل نقطة للمعالج.

التحديد الدقيق للسلوك السلبي المراد علاجه

الكثير من الآباء والأمهات لا يتمكنون من تحديد السلوك السلبي لأطفالهم بدقة، فيقوموا بجمع كل الشكاوى المتقاربة في شكوى واحدة ويسعون لتغييرها في خطوةٍ واحدةٍ، وهذا خطأٌ شائعٌ، إذ أن الهدف من هذه الخطوة هو تحديد السلوك السلبي للطفل بدقة، وبعد اتفاق الآراء على سبب الشكوى نبدأ البحث عن العلاج.

يتم تحديد السلوك السلبي تحديدًا نوعيا، فلا نقول بأن الطفل مندفع أو مكتئب أو ضعيف الشخصية، فهذه سمات عامة وغير دقيقة، والأفضل تحديد الشكوى من خلال توضيح شكل المظاهر السلوكية السلبية التي يلاحظها الأبوين ويتابعانه من فترة، وعلى سبيل المثال: بدلًا من قولك أن الطفل مكتئب يحتاج الطبيب لسماع عبارات مثل: الطفل كثير الوجوم والصمت أو كثير البكاء أو سريع الغضب أو قليل الضحك، وهكذا.

بيانات الملاحظة الدقيقة لشخصية الطفل

في الخطوة الأولى يقوم الأبوان بالإجابة على بعض الأسئلة التي يطرحها المعالج بهدف الوقوف على أصل المشكلة والتمكن من تشخيصها بالشكل الصحيح، أما هذه الخطوة فهي أكثر تحديدًا، حيث تكون الإجابات على أسئلةٍ أكثر دقةٍ، والتي لا تتأتى إلا بملاحظة دقيقة للطفل، فيكون على الوالدين ملاحظة الظروف الدقيقة التي ينشأ عنها وفيها السلوك السيء للطفل، ومثال على ذلك: الطفل يعتدي على أمه بالضرب بمجرد انشغالها عنه بأي أعمال أخرى.

ما يريده المعالج من هذه الخطوة هو معرفة عدة أمور، أهمها الوقت الذي يستثار فيه السلوك السيئ لدى الطفل والسبب الذي يؤدي إلى ذلك، وقد تم عمل جدول على يد بعض الباحثين التربويين يشتمل على الأسئلة التي يحتاج المعالج لإجاباتٍ وافية عنها في هذه المرحلة، وهي كالتالي: ما هي العلامة التي تستثير السلوك السلبي لدى الطفل؟ وكم مدة الوقت التي يستغرقها السلوك السلبي؟ ومع من يحدث هذا السلوك؟ وما هي المكاسب التي يجنيها الطفل بسلوكه السلبي؟

خطوة تشخيص المشكلة

خطوة تشخيص المشكلةتعد خطوة التشخيص هي الخطوة الأهم على الإطلاق، فبناءً على نتائجها يتم تحديد طرق العلاج التي تناسب الطفل وتجدي معه، ومن هنا تأتي أهمية أن يكون كلًا من الأبوين والمعالج دقيقين للغاية في جميع التفاصيل، كما لابد وأن يكون الاعتماد الكلي على المنهج العلمي البحت، وتمر هذه الخطوة بمراحلٍ ثلاث، نوضحها فيما يلي.

دمج البيانات والمعطيات ثم تبويبها

يتم في هذه المرحلة دمج جميع المعطيات والبيانات التي حصل عليها المعالج من الأبوين والطفل معًا، ومن ثم تبويبها، بحيث يكون من السهل الإجابة على جميع الأسئلة المعروضة بشكلٍ واضحٍ، ويمكن الاستعانة بجميع المحيطين بالطفل وسؤالهم حتى تكون البيانات والإجابات أكثر وضوحًا، ويفضل طرح نفس الأسئلة على جميع من يحيطون بالطفل ويلاحظون سلوكياته السلبية.

استشارة الخبراء النفسيين في تحديد نوعية السلوك السلبي

يقصد بهؤلاء الخبراء هنا هم كل من يتابع حالة الطفل ويعرف عنها بعض المعلومات، وهم المعلمين المتابعين لحالة الطفل داخل المدرسة أو المربي الشخصي له أو محفظ القرآن، هذا إلى جانب طبيب الأطفال المعالج له الذي من الممكن الاستفادة من توجيهاته، ولا ضير من الاستعانة ببعض علماء الشريعة وسؤالهم عن رأي الدين في مثل هذه المشكلات.

وضع جميع الاحتمالات

يضع الطبيب في هذه المرحلة جميع الاحتمالات التي يتوصل لها من خلال المعلومات التي قام بتجميعها في المراحل السابقة، ومثال على ذلك أن يتوقع أحد الاحتمالات التالية: شعور الطفل بالتعب النفسي الحقيقي أو شعوره بالحاجة الملحة لما يطلبه من المحيطين به أو شعوره بالتدليل الزائد من أبويه، وهنا يبدأ المعالج الترجيح بين جميع هذه الاحتمالات ليتم تحديد الاسم العلمي للسلوك السيء للطفل ليتم تحديد علاجه.

خطوة العلاج

من ضمن النقاط المهمة التي يتولى المعالج النفسي ضبطها مع الأبوين اللذين يقومان على معالجة طفلهما من أحد الأمراض النفسية هي وضع خطةٍ محكمةٍ لهما، بحيث تضمن تحسن حالة الطفل في وقتٍ معينٍ، وذلك بعد تحسين علاقة الطفل بالأبوين وتعزيزها بالشكل الذي يضمن التواصل الجيد بين جميع الأطراف واستجابة الطفل لما يوجهه له أبويه، وفيما يلي نورد هذه الخطوات.

تحديد جدول يومي للطفل

يقوم الأبوان بعمل جدول يومي للطفل يشمل جميع الأنشطة التي من المفترض أن يقوم بها، ويضمن هذا إنجاز الطفل لبعض المهام الإيجابية وشغل وقته عن كل ما هو سلبي، يساعد هذا على تنظيم وقت الطفل وتحديد موعد استيقاظه ونومه، بالإضافة إلى تثبيت مواعيد الأكل واستذكار الدروس وغير ذلك مما هو مطلوبٌ من الطفل إنجازه خلال اليوم.تحديد جدول يومي للطفل

تقليل المشتتات حول الطفل

الكثير من الأشياء المحيطة بالطفل تتسبب في تشتته وزيادة حركته وعدم قدرته على التركيز، أهم هذه الأشياء هي الألعاب الإلكترونية على الكمبيوتر والموبايل والموسيقى الصاخبة والتليفزيون، وعلى الأبوين تقليل هذه المؤثرات بشكلٍ تدريجيٍ ووضع بعض القواعد البسيطة التي تعود الطفل على البعد عن مصادر التشتت، مثل إيقاف تشغيل التلفاز أو الموسيقى أثناء تناول الطعام واستذكار الدروس وإزالة هذه الأشياء من حجرة نوم الطفل وتقليل اصطحابه إلى الأماكن التي يتعرض لهذه الأشياء فيها.

مكافأة الطفل على سلوكياته الإيجابية

تساعد مكافأة الطفل على سلوكياته الإيجابية على زيادة ثقته بنفسه وتوطيد العلاقة بينه وبين أبويه، يأتي ذلك على هيئة كلام لطيف يسمعه الطفل من أبويه أو معانقةٍ أو تقديم جائزةٍ له على فعلٍ حسنٍ قام به، ومع الوقت يتحسن سلوك الطفل عندما يرى نفسه بعين أبويه وقد أصبح شخصًا مقبولًا من المحيطين وبه الكثير من المزايا.

إلزام الطفل ببعض المهام البسيطة

إن الهدف من الرحلة التي يقطعها الأبوين مع الطفل بمساعدة الأخصائي النفسي هو تخليص الطفل من السلوكيات السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية، يجب أن يعلم الابوين أن هذا لا يحدث في يومٍ وليلةٍ، بل يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ، فتغيير السلوكيات السيئة هو أصعب بكثير من تعليم الطفل سلوكياتٍ جديدةٍ، من هنا تأتي أهمية وضع بعض الأهداف الصغيرة، حتى يتشجع الطفل عندما يتمكن من إنجازها، ويظل الطفل متقدمًا ببطء حتى يصل إلى النتيجة المرجوة.

التزام الهدوء والانضباط

لا تتم معالجة السلوكيات السلبية للطفل إلا بالهدوء والانضباط والتركيز، حتى عند صدور بعض السلوكيات السلبية التي تستدعي عقاب الطفل لابد من الهدوء التام معه، بحيث نستخدم أسلوب الحوار معه أولًا ونحاول إقناعه بأن ما يقوم به شيئًا، وبعدها نعطيه مهلة يعرف أنه بعدها سيتعرض للعقاب، ويمكن التغاضي عن الفعل السيئ الذي صدر من الطفل وإلهائه عنه بشيءٍ آخر إيجابي، وفي كل الأحوال يُمنع العقاب البدني، كالضرب والصفع، أو أي عقاب يؤذي نفسية الطفل.

اختيار بعض الأنشطة للطفل

من المهم للغاية أن يقوم الأبوان باختيار بعض الأنشطة الممتعة المناسبة لعمر الطفل، بحيث يشعر بالمتعة وفي الوقت ذاته يقوم ببعض الإنجازات، هنا يشعر بنجاحه وبقيمة الوقت لديه، فالطفل يشبه الكبار في كونه في حاجة إلى القيام ببعض الأنشطة التي تشعره بأنه شخصٌ ناجحٌ، وهو ما يجعله راضيًا عن ذاته وواثقًا من نفسه.

ترتيب المنزل وتنظيمه

يتعلم الطفل الكثير من الأمور المهمة بمجرد أن يكون المكان المحيط به مرتبًا منظمًا، فهو يعرف مكان أشيائه الخاصة ويتعلم الحفاظ عليها، هذا إلى جانب أن سلوكياته تتحسن بشكلٍ كبير ويكون له دورًا إيجابيًا داخل المنزل، وكما تكون هناك أماكن مخصصة لمتعلقات الطفل الشخصية، تكون هناك أماكن لجميع أنشطته داخل المنزل، فيتم تخصيص مكان محدد للمذاكرة ومكان آخر للعب، وهكذا.أهمية ترتيب المنزل وتنظيمه في العلاج السلوكي للأطفال

شروط نجاح العلاج السلوكي للأطفال

هناك شرطان أساسيان لنجاح أسلوب العلاج الذي نتكلم عنه، وهو العلاج المعرفي السلوكي للطفل، الشرط الأول هو الصبر عليه وعدم تعجل النتائج، فالتعجل واستخدام أسلوب العنف لن يجدي معه، بل سيزيد من تعقيد المشكلة وسيأتي بردة فعل معاندة وعدوانية، ولهذا من المهم للغاية أن تكون علاقة الطفل بمن يقوم على العلاج جيدة جدًا، ويكون هو متسمًا بالصبر الشديد وتفهم حالة الطفل واحتماله إلى أقصى درجة.

أما عن الشرط الآخر لنجاح العلاج المعرفي السلوكي للطفل فهو إخبار الطفل بكل حافز لما تطلبه منه، ويقصد بذلك المكافأة أو الجائزة، سواءً كانت مادية أم معنوية، ويراعى تذكير الطفل بذلك كلما ينساه، كما لابد من تقديم الجائزة للطفل فور أن يقوم بالأعمال الموكلة إليه، بشرط أن يكون قد قام بها على أكمل وجه، بمعنى أن هناك ارتباط شرطي بالفعل المطلوب منه والجائزة التي يحصل عليها عند تنفيذه بإتقان، وإن لم يحدث ذلك فلا جائزة.

فنيات العلاج السلوكي للأطفال

يقصد بمفهوم فنيات العلاج السلوكي للأطفال تلك الأساليب العلاجية التي يستخدمها الأخصائي المعالج خلال العلاج السلوكي للأطفال بهدف تغيير سلوكياته السيئة بأشكالها المختلفة، ويمكن الاستعانة بجميع هذه الفنيات، كما يمكن الاقتصار على البعض منها، ويتم تحديد ذلك من قبل المعالج بناءً على حالة الطفل وما يحتاجه من أجل العلاج، ونورد فيما يلي بعض هذه الفنيات العلاجية بالتفصيل.

فنية تحديد الأفكار وتصحيحها

يقصد بالأفكار هنا هذه التي تراود الطفل قبل إقدامه على القيام بالسلوك السلبي مباشرةً، والتي تكون المتسبب الرئيسي عنها، وفي الكثير من الحالات لا ينتبه الطفل لهذه الأفكار، بل تكون بعقله الباطن، وهنا يكون المعالج في حاجة إلى محاورة الطفل للتعرف على هذه الأفكار السلبية وتبديله بأخرى إيجابية، ويقوم المعالج بالوصول إلى هذا الهدف عن طريق محاورة الطفل ومناقشته في الأحداث والمواقف التي ترتبط بالموضوع، فيتذكر الطفل الأفكار التي تداهمه وقتئذ، كما قد يستخدم أسلوب التخيل الذي يجعل الطفل يتخيل الموقف أو يقوم بتمثيله، ومن هنا يتعرف على الأفكار السلبية التي تؤدي إلى هذا الاضطراب.

فنية المراقبة الذاتية للطفل

يقصد بها قيام الطفل المريض بمراقبة نفسه قبل حدوث السلوك السلبي منه وأثناء ذلك وبعده، ومن ثم يقوم بتدوين كل ما يشعر به وما يخطر بباله في هذه الأثناء، والمراقبة الذاتية تساعد الطفل على تقليل تكرار السلوك السلبي بالتدريج إلى أن يمتنع عن القيام به تمامًا، وكلما نجح الطفل في ذلك تحفز للتعافي وكان أكثر حماسًا لإكمال العلاج السلوكي للأطفال الذي يخضع له.فنية المراقبة الذاتية للطفل

فنية المتصل المعرفي

في هذه الفنية يطلب المعالج من المريض كيف يرى نفسه، مقارنةً بغيره من المحيطين به، ولتوضيح ذلك نذكر مثالًا، إذا كان الطفل يرى نفسه عديم الفائدة يقوم المعالج بمحاورته عن معنى كلمة “عديم الفائدة” بالنسبة إليه، ثم يطلب منه تخيل كيف سيكون الناس الذين يتصفون بنفس الصفة بدرجات متفاوتة عنه، فيبدأ بالمستوى الأدنى ثم يصعد المستوى الأعلى الذي يراه ناجحًا، وفائدة هذه الفنية هي استبدال الأفكار التلقائية السلبية بأخرى إيجابية.

فنية الجدل أو النقاش المباشر

هنا تكون مواجهة مباشرة بين المريض والمعالج، بحيث يجادله بشأن المرض الذي يعاني منه، ويلجأ المعالج لهذا الأسلوب المباشر إذا كان الطفل تداهمه أفكار انتحارية، حيث أنه يعد أسرع الطرق وصولًا إلى عقل المريض، ومن خلال هذه الفنية يقوم المعالج بعمل نقاش حاد يسهم في شعور المريض بالدونية بسبب أفكاره السلبية، ويكون من السهل وقتئذ توجيهه لأفكارٍ أفضل.

فنية التخيل

يعتمد المعالج في هذه الطريقة على أن استثارة المثيرات التي تسبب للمريض الألم تجعله يقوم بنفس السلوكيات السلبية التي يود العلاج منها، فيطلب من الطفل تخيل المواقف التي تثير مشاعره السلبية بشكلٍ متكررٍ، وفي كل مرة يقل مقدار الألم وتكون استجابة المريض له أقل، وعادةً ما يبدأ المعالج بالمواقف الأقل إثارة ويتدرج حتى يصل إلى الأكثر إثارة منها.

فنية الواجبات المنزلية

في جميع طرق العلاج النفسي تلعب الواجبات المنزلية دورًا كبيرًا، وتكون لها الدور الأكبر عند العلاج المعرفي السلوكي، وبهذه الفنية يبدأ المعالج جلسته العلاجية ويختم، ومن خلال هذه الطريقة يحدد مدى تعاون الطفل مع المعالج وقدر الألفة بينهما، ومن خلال هذه الفنية كذلك يطلب المعالج من المريض بعض الواجبات المنزلية لاكتشاف بعض العوامل المعرفية التي تتعلق بالمشكلة.

فنية صرف الانتباه

يطلب من الطفل من خلال هذه الفنية القيام ببعض الأعمال التي تصرف انتباهه عن السلوكيات السلبية التي يتم علاجه منها وعن الأعراض المزعجة التي يعاني منها كذلك، فتركيز الطفل على هذه الأعراض يزيد الأمر سوءًا، ويمكن صرف الانتباه عن الشيء السلبي عن طريق التركيز على شيء معين بالجوار أو تخيل أحداث سارة مبهجة.

فنية لعب الأدوار

فنية لعب الأدوار في العلاج السلوكي للأطفالتتيح هذه الفنية تفريغ الشحنات السلبية المكبوتة في نفس الطفل، وذلك من خلال قيام المعالج بتمثيل موقف يحاكي الواقع الذي يعاني منه الطفل، ويقوم الطبيب بتكرار ذلك حتى ينجح في تعليم الطفل السلوك الحسن، والفائدة من هذا التمثيل هو تدريب الطفل على تحمل الإحباط الذي يشعر به حيال هذه المواقف وضبط انفعالاته عندما يواجهها على أرض الواقع.

هذا هو كل ما يتعلق بموضوع العلاج السلوكي للأطفال بكل طرقه وأشكاله وفنياته، وإذا استوعب الأبوين كل ما كتب في هذا المقال فلا حاجة لهما للاستعانة بالمعالج النفسي إذا ما حدث وأصيب طفلهما بأي مشكلةٍ نفسيةٍ تستلزم العلاج، ولكن ننوه على أنه في حال كانت لدى الطفل بعض الأعراض التي لا يتمكن الأبوان من فهمها والتعامل الجيد معها فلابد من الاستعانة بأحد المختصين، فالتعامل الخاطئ مع أي مشكلة يزيد من تفاقمها ويجعل حلها أكثر صعوبة.

المصادر:

هيلث لاين

هيلثي تشيلدرن

هيلث جرادز

زر الذهاب إلى الأعلى