تأثير أفلام الرعب على الأطفال | أضرار أفلام الرعب على الأطفال وكيفية حمايتهم
ما أجمل أوقات العطلة حينما تستمتع العائلة بمشاهدة فيلم يثير التشويق ويرفع من مستوى الأدرينالين! ولكن وجود أطفال في المنزل يخرب هذا المخطط الرائع؛ إذ أن تأثير أفلام الرعب على الأطفال سلبي للغاية؛ نظرًا لوجود عدة أضرار على صحتهم النفسية، وقد انقسم الأطباء إلى قسمين، منهم من يؤيد امتناع الأطفال جميعهم عن أفلام الرعب، ومنهم من يعارض تلك الفكرة موضحًا أن هناك فئة معينة من الأطفال يجب عليهم تجنب هذا الأمر، فما تلك الاستثناءات؟ وهل يوجد أضرار فعلية يمكن أن تسببها؟
تأثير أفلام الرعب على الأطفال
تقوم الأسرة بحجب نوعية معينة من الأفلام التي يشاهدونها أمام أبنائهم، على رأس القائمة أفلام الرعب، ولكن هل حقًا الأمر يستدعي كل هذا القلق من أفلام الرعب؟ وهل يمكن أن تكون أضرار أفلام الرعب على الأطفال طويل المدى؟ يلخص الخبراء الإجابة عن تلك التساؤلات في توجيه واحد ألا وهو ” تعرف على الفئة التي ينتمي إليها طفلك”، فكل طفل له شخصية مختلفة عن الآخر؛ إذ توجد فئة من الأطفال الخجولة وأخرى من الفئات القلقة، في حين أنه يوجد فئة من الأطفال الذين يحبون التشويق”.
رأي الخبراء في مشاهدة الأطفال لأفلام الرعب
قال طبيب الأطفال بجامعة هارفارد، الدكتور مايكل ريتش ” أنت تعلم جيدًا طفلك أكثر من أي أحد، فإن كان يميل إلى الخوف والقلق من أي أمر بسهولة، فمشاهدة أفلام الرعب ليست بفكرة جيدة على الإطلاق، ويُفضل تأجيل مشاهدتها إلى أن يكبر قليلاً، وفي الوقت نفسه هناك بعض الأطفال الذين لا يجدون أي مشكلة في هذا الأمر”.
الذي يؤكد كلام الدكتور مايكل ريتش هو سؤال إحدى الدراسات الشهيرة لبعض طلاب الجامعات عن الآثار التي نجمت عن مشاهدتهم لأفلام الرعب في صغرهم، فكانت النسبة الأكبر وهم نصف عدد الطلاب الذين أقروا بأن آثار الأفلام تلاشت في أسبوع، بينما كانت النسبة الأقل والتي تمثل 26% صرحوا بأن تلك الآثار ظلت مستمرة معهم على المدى البعيد، ومن الواضح أن النسبة الأقل هي من الشخصيات القلقة بطبعها.
تأثير أفلام الرعب حسب شخصية الطفل
فإذا أردت أن تتخذ قرارًا بشأن مشاهدة طفلك لأفلام الرعب عليك أن تتعرف على شخصيته أولاً لتحدد الفئة التي ينتمي إليها؛ لأنه إذا كان من الفئة التي تخاف من أتفه الأسباب سيعاني معاناة كبيرة على المدى الطويل إن شاهد تلك الأفلام.
أما إن كان من الأطفال الذين يستمتعون بتجربة الخوف واندفاع الأدرينالين حقًا فلا مشكلة من مشاهدته لتلك الأفلام؛ لأن مشاهدة شيء مرعب من خلال شاشة التلفاز تمنح المتفرج شعورًا بالأمان والسيطرة على الخطر، وهذا لا يتعلق بسن معين، حيث لاحظ دكتور ريتش أن هناك بعض الأطفال الذين يشاهدون المقاطع المرعبة مرارًا وتكرارًا ليجعلوا الذي يرونه أمرًا هينًا يمكن السيطرة عليه.
تأثير أفلام الرعب على الأطفال وعلاقتها بالعنف
يربط كثير من الناس بين مشاهدة أفلام الرعب والعدوان لدى الأطفال؛ إذ يجنبون أطفالهم مشاهدة أفلام الرعب حتى لا تعلمهم العنف الذي يكون جزءًا أساسيًّا من الفيلم، وهذا ما ليس له أساس من الصحة، حيث يوضح دكتور علم النفس السريري ستولبيرج أن الأطفال الذين يميلون إلى العدوان والعنف بطبيعتهم هم من يجدون ضالتهم في تلك الأفلام، فنجدهم يشاهدونها ويتحدثون عن العدوان.
أما بالنسبة للأطفال الأصحاء فهم لا يقومون بتقليد مشاهد العنف التي يرونها أثناء لعبهم للعب الفيديو التي تتضمن المشاهد العنيفة، أو حتى عند مشاهدتهم لأفلام الأكشن والرعب، ولا يثير ذلك رغبتهم في الاتجاه إلى العنف؛ لذا لا يمكن أن تربط بين أفلام الرعب والعنف، وأكد هذا بمقابلته لأطفال لا يتجاوز عمرهم الست سنوات ولم يجد لديهم أي آثار سلبية نتيجة مشاهدتهم لتلك الأفلام، في حين قابل أطفالاً في الثانية عشر من عمرهم لم يستطيعوا الصمود أمام الفيلم الرعب.
هذا ما يدل على أن مشاهدة أفلام الرعب تتحدد طبقًا لمزاج الطفل وليس على حسب عمره، فبالطبع سيتذكر الطفل المشاهد التي رآها في فيلم الرعب، ويمكن أن يستيقظ نتيجة الكوابيس التي يراها، ولكن في نهاية الأمر سيكون بخير إن لم يكن لديه القابلية للقلق من البداية، فيمكن أن تتسبب تلك الأفلام في تطوير مشاعر القلق لديه.
أضرار أفلام الرعب على الأطفال
هناك نوعية من الأطفال الذين يعانون من القلق بصفة عامة، فهم حين يشاهدون فيلمًا رعبًا يمكن أن يتسبب هذا في خوفهم الشديد من المشاهد التي تعرض عليهم، وذلك لأنهم يظنون أن تلك المشاهد حقيقية ويمكن أن تحدث في الواقع، خاصة إن كانت أعمارهم تقل عن 12 عامًا، فتتملكهم الهواجس والأوهام نتيجة هذا الأمر، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى التبول اللاإرادي، والشعور بآلام في القلب، وتعتبر من أبرز أسباب عدم ثقة الطفل بنفسه.
هذه الأعراض تكون بسبب تركز المشاهد المرعبة في العقل الباطن للطفل، فتجعله يظن أنه يمكن أن يحدث هذا معه في الواقع، وبالتالي سيكون تأثير أفلام الرعب على الأطفال سلبيًّا ويُحدث بعض الأضرار كما سنعرضها في النقاط التالية:
حدوث اضطرابات في النوم
إذا شاهد طفلك فيلمًا رعبًا قبل الخلود إلى النوم قد يجعله مستيقظًا لفترة طويلة، فيفكر في أحداث الفيلم ومشاهده التي يظن أنها حقيقة وليست سوى خيال سينمائي، خاصة مع تطور التكنولوجيا التي يمكنها أن تعرض بعض المشاهد المرعبة وكأنها واقع ملموس أمام عينيك، ما بالك بطفلك الذي يبدأ بسماع أصواتهم وتخيل أشكالهم قبل النوم مما يمكن أن يسبب أحلامًا مزعجة له.
قد تؤثر تلك المشكلة عليه فترة من الزمن، فلا يستطيع النوم دون إضاءة المصباح، وفي كثير من الأحيان يتمسك الطفل بأحد والديه ويلاصقه طوال اليوم، وخاصة قبل النوم حتى لا يشعر بالخوف من المشاهد التي شاهدها.
الشعور بالقلق والخوف
قد يصل تأثير أفلام الرعب إلى حدوث الخوف عند الأطفال والقلق عندهم خاصة إذا شاهدوها بكثرة، حيث يصبحون عرضة إلى فقدان الأمان بسبب ما شاهدوه في الفيلم من عنف ورعب، ولهذا قد يكون الأمر صعب إن كان طفلك يعاني في الأساس من الخوف والقلق الشديد، في تلك الحالة لا يجب أن تعرض تلك الأفلام أمام طفلك بتاتًا حتى لا تتكون العقد النفسية لديه.
ازدياد السلوك العدواني لدى الطفل
كما أوضحنا أن الطفل السليم في الغالب لا يميل إلى تقليد مشاهد العنف التي يراها، ولكن إن كان طفلك لديه استعداد للعنف أصلاً يمكن أن ينجذب إلى مشاهد العنف والقتل،مما يجعله طفل عدواني ويميل إلى تجربتها بشكل أكثر عنفًا، وبذلك يصبح سلوكه عدوانيًّا تجاه الآخرين.
حدوث تبلد في المشاعر
قد تؤثر مشاهدة أفلام الرعب من قبل طفلك بكثرة على مشاعره؛ إذ تميل إلى القسوة بعض الشيء، وتجده يميل إلى الضحك والمرح في المواقف التي تستلزم منه مساعدته للآخرين؛ لذا يجب على الأسرة تجنب مشاهدة تلك الأفلام بكثرة أمام الطفل.
الميل إلى الاكتئاب والعزلة
قد تأتي مشاهدة أفلام الرعب بنتائج سلبية للغاية، حيث يمكن أن تجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية كالاكتئاب وحب الوحدة والعزلة، وانعدام الشعور بالأمان، وهذا ما يمكن أن يتطور ليصل إلى الوسواس القهري.
التأثير على سلوكيات الأطفال
يبدأ دماغ الطفل الصغير في التطور شيئًا فشيئًا منذ الولادة عن طريق الرموز والصور التي يشاهدها كل يوم في حياته، فإن تعرض هذا الطفل إلى مشاهدة أفلام الرعب قد تتأثر سلوكيات الطفل سلبًا لأنه يقوم بتطوير مهاراته السلوكية والحركية من خلال ما يراه في تلك المشاهد السلبية.
التأثير على تفكير الأطفال بالسلب
قد يتأثر تفكير الأطفال بالمشاهد التي يرونها في أفلام الرعب، فهم يرون البطل الذي يعتبر بمثابة قدوة لهم لا ينال عقابه حتى مع استخدامه للعنف، فيكون هذا دافعًا لهم لاستخدام العنف في حياتهم للحصول على ما يريدون، وهذا ما يكسبهم خطأ من أخطاء التفكير الذي يجب علاجه بشرح أن تلك الأفلام خيالية، ولا يمكن أن يحدث هذا الأمر في الواقع.
كيفية التقليل من تأثير أفلام الرعب على الأطفال
بما أنه اتضح لنا أن هناك فئة من الأطفال هم من يتأثرون لأفلام الرعب، فيجب على الآباء من باب الحذر اتخاذ عدة خطوات لحماية أطفالهم من تأثير تلك الأفلام عليهم أيًّا كانت شخصيتهم، وهي ما سنوضحها في الآتي:
- التقليل من مشاهدة التلفاز بشكل عام واستبدال هذا الأمر بممارسة الأنشطة الرياضية، أو القيام بمهام تنمي مهارات الطفل كالرسم والتلوين والقراءة.
- من الأفضل لعب لعبة ذكاء تطور من القدرات العقلية.
- مراقبة ما يتابعه الأطفال عن بعد لمنعهم إذا لم يكن ما يشاهدونه مناسبًا لهم.
- يجب على الأهل أن يشرحوا لأطفالهم أن هذه الأفلام خيالية، وأن تلك اللقطات لا تمت للواقع بصلة، فلا يمكن أن تحدث.
- الاتفاق مع الطفل على عدد ساعات محدد لمشاهدة ما يحب إن كان نافعًا له مع ضرورة عرض الأبوين قائمة بالأشياء التي تناسب الأطفال ليختاروا من بينها.
- تخصيص وقت ممتع للتنزه مع الطفل في رحلة شيقة، أو التحدث مع الطفل حول أمر مثير يجذب انتباهه كي ينشغل الطفل بأشياء أخرى بعيدًا عن أفلام الرعب.
خاتمة
قد قمنا بعرض آراء الخبراء حول تأثير أفلام الرعب على الأطفال وأضرارها، ومهمتك هنا هي اكتشاف شخصية طفلك إن كانت من النوع القلق فتجنبه من مشاهدة تلك الأفلام، وإن لم يكن كذلك ينبغي ألا يشاهد أفلام رعب بطريقة مبالغ فيها حتى تؤثر عليه وتضره كما عرضنا أعلاه، فمن باب الحرص هو أن تتجنب مشاهدة أفلام الرعب أثناء وجود طفلك معك.