الطفولة

تأثير التنمر على الصحة النفسية للأطفال والطريقة الصحيحة للتعامل معه

انتشر التنمر في الآونة الأخيرة بين الأطفال بعدما كان قد بلغ أوجه بين المراهقين، ولكي تطمئني على طفلك إذا كان متنمرًا عليه أو متنمِرًا يجب أن تكتشفي العلامات التي تبرز لكِ هذا، وكذلك تأثير التنمر على الصحة النفسية للأطفال ، وفي كل الأحوال يجب أن تقتني الاستراتيجيات التي تؤهلك للتعامل مع طفلك حتى تصل به إلى بر الأمان، وتقلل من حجم الآثار السلبية التي يتعرض لها.

ما هو التنمر؟

تتعدد آثار التنمر سواء كانت جسدية أو نفسية، وهذا ما سنوضحه فيما بعد على الرغم من أنكِ يمكن أن تكوني على دراية بهذا، ولكن الأهم هو أن تعرفي ما هو التنمر أولاً، فهو عبارة عن فرض سيطرة شخص على شخص آخر من الجانب البدني أو الشخصي كأن يلقي بكلمات مهينة للتقليل من شأنه أمام الآخرين، فيجعل الشخص المتنمَر عليه يشعر بالعار لفعل شيء لا يصح أن يشعر بهذا من أجل فعله.
يكون هذا الشخص غير قادر على رد الإساءة والتفاعل، وهنا يُطلق عليه تنمر، ولا يقتصر التنمر على الإيذاء بالكلمات فقط، بل يمكن أن يتعدى لأكثر من هذا كأن تُسرق أشياء المتنمَر عليه أو يُعتدى عليه، أو يمكن أن يكون إلكترونيًّا، وهذا ما سنتعرض له لاحقًا، والآن هل فكرتِ من قبل في الأسباب التي قد تجعل الطفل يتقمص شخصية المتنمر؟

أسباب التنمر

الجميع يتحدث عن تأثير التنمر على الصحة النفسية للأطفال، ونادرًا ما تحاول الأمهات التعرف على الدوافع التي تجعل الطفل يرتدي قناع المتنمر، ولهذا سنعرض لكِ الأسباب لكي تستطيع التعامل مع الموقف سواء كان طفلك متنمرًا أو متنمَرًا عليه، وهي كالآتي:

تعرض المتنمر لمشكلات نفسية

أثبتت الدراسات أن المتنمر يستخدم التنمر في عكس مشاكله على الضحية، حيث يمكن أن يكون غير واثق بنفسه، أو غير راضٍ عن ذاته، فيعبر عن هذا الأمر بإزعاج من حوله وتخريب حياتهم؛ لكي يشعر بأن هناك من هم أقل منه حتى ينعم بالاطمئنان والراحة بسبب معاناة الآخرين من المشكلات نفسها التي يعاني منها.

تعرض المتنمر للتنمر سابقًا

كان العديد من المتنمرين ضحية في الأصل لشكل من أشكال التنمر، ثم تحولوا إلى متنمرين بسبب شعورهم بالغضب الشديد لعدم قدرتهم على رد الإساءة، فأصبح أسلوب حياتهم هو التنمر على الآخرين.

تعرض المتنمر للعنف الأسري

قد يكون التعرض للمشكلات الأسرية المختلفة هو سبب من أسباب التنمر، فإذا تعرض الطفل للعنف الجسدي أو اللفظي أو الجنسي أو العاطفي يدفعه ذلك للتنمر على طفل أضعف منه ليخرج غضبه المكبوت عليه.

الانتماء إلى أصدقاء السوء

في حال تعرف الطفل على مجموعة أصدقاء متنمرين ستجدينه أصبح مثلهم، حيث يعلم أن هناك من يحميه إذا تنمر على أحد، كما أن بعض المجموعات تشترط أن يتنمر الطفل المنضم إليهم حديثًا حتى يثبت ولاءه للأصدقاء الجدد.

الانتماء إلى أصدقاء السوء

الشعور بالغيرة

غالبًا ما تدفع الغيرة عند الطفل إلى التنمر على أحد الضحايا الذين يتمتعون بشهرة واسعة، أو معدل دراسي عالٍ، أو مستوى اجتماعي مرموق، فتجعله يتبنى سلوك التنمر.

عدم تقبل اختلاف الأشخاص الآخرين

يعتقد بعض المتنمرين أن اختلاف أحد الأشخاص في جانب ما عن المألوف هو دافع قوي للتنمر عليه والاستهزاء به.

غرور المتنمر

قد يكون المتنمر متكبرًا، وهذا ما يدفعه إلى السخرية من الآخرين معتقدًا أنه أفضل منهم، وبالتالي فهو يمنح نفسه الحق في أن يستخف بمن هم أدنى منه في اعتقاده.

الألعاب الإلكترونية

هي السم القاتل لشخصية الطفل، حيث تكسبه بعض المفاهيم الخاطئة التي يتبناها في حياته الواقعية، فمثلاً قد تكون الألعاب التي يلعبها تلزمه القضاء تمامًا على خصمه بكل ما أوتي من قوة، فيستخدم هذا ويطبقه على زملائه في الحياة الواقعية.

الأساليب الخاطئة في التربية

احرصي على تعلم الأساليب الإيجابية في التربية الخاصة بالأطفال في مراحل عمرهم المختلفة، فكثيرًا من الآباء والأمهات يقعون في أخطاء شنيعة أثناء تربية أطفالهم، مما تجعلهم يكتسبون صفات المتنمرين، وذلك كالدلال الزائد للطفل، فحينها يشعر أنه يجب أن تكون كافة طلباته مُجابة من الآخرين، وعلى هذا الأساس تتعدد آثار التنمر على المتنمر تمامًا كآثاره على الضحية.

ما آثار التنمر النفسية على الطفل؟

ما هي نتائج التنمر؟ سؤال يطرحه العديد من الآباء والأمهات الذين يتعرضون أطفالهم للتنمر، ولكي نجيبك عن هذا السؤال يجب أن تعلمي أن كل شكل من أشكال التنمر له تأثير سلبي في طفلك، أما بشكل عام فتتمثل الآثار النفسية للتنمر في الآتي:

تدني المستوى الأكاديمي

من العلامات التي تؤكد لكِ أن طفلك يتعرض إلى التنمر هو انخفاض معدله الدراسي، حيث أنه طالما يتعرض للتخويف بصفة مستمرة فسيقل تركيزه كثيرًا؛ مما يؤثر هذا على مذاكرته نتيجة تركيزه على الإساءة التي يتعرض لها، فقد أثبتت الدراسات التي أُجريت في جامعة فرجينيا الأمريكية أن الأطفال المتواجدين في مدارس ذات بيئة قاسية تكون درجاتهم في الاختبار أقل من الأطفال المتواجدين في مدارس منظمة لبرامج مكافحة التنمر.

تدني المستوى الأكاديمي

التأثير بالسلب في العلاقات الاجتماعية

إذا كان طفلك قد تعرض للتنمر من قبل؛ ستجدينه في الغالب يعاني من المشكلات الاجتماعية؛ بسبب عدم قدرته على احترام ذاته نتيجة الإساءة التي يتعرض لها من قبل المتنمر كأن يصفه بالخاسر أو السمين، وهنا يمكن أن يعتقد طفلك أن كل ما يُطلق عليه المتنمر من صفات هي صفات حقيقية.

بالتالي فهو يجد صعوبة في التعرف على أصدقاء جدد، أو الحفاظ على العلاقات الصحية، كما أنه سيحاول تقليل التفاعلات الاجتماعية قدر المستطاع؛ نظرًا لعدم ثقته بالآخرين، وبالتالي تتأثر علاقاته الاجتماعية بالسلب.

التعرض إلى المشكلات النفسية

تُرى ما آثار التنمر النفسية على الطفل؟ إذا كان طفلك حقًا يتعرض إلى شكل من أشكال التنمر فإن احتمالية إصابته بالأمراض النفسية سيزداد، حيث يمكن أن يصاب بالآتي:

الرهاب الاجتماعي

هو اضطراب يجعل الطفل قلقًا بشكل غير مبرر أثناء تفاعله في المواقف الاجتماعية، وسيكون لهذا تأثير سلبي في القيام بالأنشطة اليومية في المدرسة أو أي مكان آخر يلزم فيه التعامل مع الآخرين، ففي هذه الحالة يركز على سلوكيات الآخرين ويراقبها بحرص، وحينما يتعرض للانتقاد فإنه يشعر بالخوف من هذا الحكم.

الجدير بالذكر أن الرهاب الاجتماعي هو حالة نفسية مزمنة يعاني منها الأشخاص الذين تعرضوا للتنمر في المواقف الاجتماعية، فتسبب ذلك في إحراجهم، وجعلهم قلقين من التعرض لمثل هذا الموقف مرة أخرى.

الاكتئاب

من تأثير التنمر على الصحة النفسية للأطفال إصابتهم بالاكتئاب، حيث أثبتت الدراسات أن ثلث حالات الاكتئاب في فترة المراهقة ناجمة عن التنمر، كما أكدت دراسات أخرى أن الأطفال الذين تعرضوا للتنمر في سن 13، ستزداد احتمالية إصابتهم بالاكتئاب بعد الثامنة عشر من عمرهم.

الاكتئاب هو مرض نفسي شائع يختلف اختلافًا كبيرًا عن الانفعالات اللحظية أو التقلبات المزاجية الاعتيادية التي لا تستمر لفترة طويلة، فإذا كان طفلك يعاني من الاكتئاب ستجدينه عاجزًا كليًّا عن الشعور بالفرح والمتعة بالأنشطة التي كانت تمتعه في السابق، وسيصاحب فقدان الشغف الشعور بالقلق وجلد الذات، وقد يؤثر الاكتئاب في صحة طفلك الجسدية في حالة إهمال الحالة وعدم تلقي العلاج في فترة مبكرة.

التفكير في الانتحار

من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الوفاة؛ الانتحار، حيث أكدت الإحصائيات أن هناك 800 ألف حالة انتحار في العام الواحد، وقد يكون هذا خطرًا حقيقيًّا يهدد طفلك، حيث إن هناك العديد من الأطفال الذين قرروا الموت نتيجة تعرضهم للتنمر، فمن أكثر الأشخاص المعرضين للانتحار هم الفئة المستضعفة، كما ترتبط فكرة الانتحار بالأمراض النفسية كالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم والصدمات النفسية.

التفكير في الانتحار

ما هي آثار التنمر الإلكتروني؟

لكي نجيبك عن هذا السؤال يجب أن تعلمي ما هو التنمر الإلكتروني، فهو عبارة عن إلحاق الأذى عمدًا عن طريق الأجهزة الإلكترونية؛ كالحواسيب والهواتف المحمولة، ويكون هذا من خلال إرسال رسائل مؤذية تحتوي على معلومات شخصية محرجة لبث الخوف في نفس الطفل وإزعاجه عبر البريد الإلكتروني، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة، ولهذا آثار سلبية عدة منها:

الإصابة بالاكتئاب

إذا تعرض طفلك للتنمر الإلكتروني ستلاحظين أنه أصبح متوترًا بسبب عدم قدرته على الشعور بالسعادة نتيجة تذكره للمواقف المحزنة التي تعرض فيها للتنمر؛ مما يؤثر ذلك في صحته العقلية ويصيبه بالاكتئاب، وخاصة أنه يخشى التحدث مع أحد عن الذي تعرض له كي لا يتعرض للسخرية مجددًا.

عدم تقدير الذات

يقل احترام طفلك لذاته حينما يسخر الآخرون من ملامحه أو مظهر جسده؛ مما يجعله يشعر بالدونية وأنه أقل جاذبية عمن حوله، فيصيبه الخجل ويقل تفاعله مع الآخرين.

الإصابة بالأمراض الجسدية

يمكن أن يسبب التنمر الإلكتروني بعض الأمراض الجسدية لطفلك، ومنها: الأرق، آلام الصدر، الصداع، بعض الأمراض الجلدية، وآلام المعدة، وتقلل الأعراض المصاحبة لهذه الأمراض من تقديره لذاته.

الأفكار الانتحارية

حينما يتعرض طفلك للتنمر الإلكتروني باستمرار سيصيبه اليأس من كثرة المضايقات التي يتعرض لها، فيظن أن إنهاء حياته هو الملاذ له من كل هذا.

آثار التنمر على المتنمر

لا يقتصر تأثير التنمر على الصحة النفسية للأطفال الضحايا فقط، وإنما ينقلب على الأطفال المتنمرين أيضا، فإذا كان طفلك يمارس هذا السلوك باستمرار بجانب انخراطه في السلوكيات العنيفة لن يتركها حتى يصل إلى مرحلة البلوغ، وحينها يكون أكثر عرضة لتعاطي المخدرات والكحول في سن المراهقة، بالإضافة إلى أنه سيخرّب الممتلكات العامة، وسيدخل في شجارات، ويمكن أن يترك المدرسة في سن مبكرة نتيجة امتلاكه خلفية جنائية، وستكون علاقته سيئة مع شريك حياته، ومع أطفاله في المستقبل.

كيفية التعامل مع التنمر

في ظل انتشار التنمر يحب أن تكوني متسلحة بالأساليب التي تحمي طفلك من التنمر، كما يجب عليكِ تعليمه أيضًا هذه الأساليب ليتصدى لأنواع التنمر المختلفة التي تواجهه، ومنها ما يلي:

كيفية التعامل مع التنمر

تقوية ثقة الطفل بنفسه

من أهم الوسائل التي يجب أن تعلميها لطفلك هي أن يثق بنفسه أولاً؛ لأن الثقة بالنفس ستجعله قادرًا على التخلص من خوفه، والرد على المتنمرين والمسيئين إليه بكل شجاعة.

التواصل مع طفلك

لا يلجأ أغلب الأطفال إلى إخبار أهلهم بالتنمر الذي تعرضوا له في المدرسة، ويأتي دورك هنا في ملاحظة تصرفات طفلك والعلامات البادية عليه التي تشير إلى أنه تعرض للتنمر.

شرح مفهوم التنمر بصورة مبسطة

قد لا يعرف طفلك أنه يتعرض للتنمر بسبب جهله بهذا المفهوم؛ لذا احرصي على أن تشرحي له المفهوم الصحيح له؛ ليكون قادرًا على إخبارك أو إخبار معلميه بما يتعرض له.

مراقبة الطفل أثناء استخدامه للإنترنت

لا ننصحك بأن يتجنب طفلك استخدام الإنترنت تمامًا، ولكننا ندعوكِ إلى توفيره له بشرط أن تراقبيه من بعيد حتى تتعرفي على ما إذا كان يتعرض للتنمر الإلكتروني بسبب وثوقه بأشخاص وهميين، أو دخوله إلى مواقع لا يجب أن يدخلها، وهنا علمي طفلك ما هي المواقع المسموح بها وغير المسموح بدخولها.

إن تأثير التنمر على الصحة النفسية للأطفال خطير للغاية، فاهتمي بطفلك جيدًا، واشمليه بعطفك عليه حتى تزيدي من ثقته بنفسه، وبالتالي يكون قادرًا على الدفاع عن نفسه في حال تعرض إلى التنمر، كما سيكون من المهم إخبار إدارة المدرسة عن وجود أطفال متنمرين ليتخذوا الإجراءات اللازمة ضدهم، ولكي تصلي بطفلك إلى بر الأمان؛ طبقي ما عرضناه عليكِ من نصائح، واحرصي على. أن تكوني دائمة الاطلاع على الأساليب الحديثة.

المصادر:

بيست داي

ويب إم دي

ستوب بابلينج دوت جوف

زر الذهاب إلى الأعلى