دور الوالدين في تقوية ضعف الشخصية عند الطفل وأهم الحلول العملية الناجحة
ترغب جميع الأمهات في تقوية شخصية طفلها، ليصبحوا أكثر قدرة على تخطي العقبات، ومواجهة التحديات، والتكيف مع الأزمات والمصاعب، وبالتالي عدم الاستسلام للفشل، ولكن ماذا لو كان أحد أطفالك ذو شخصية ضعيفة؟، لذا خصصنا هذا الموضوع للتحدث بشأن أسباب ضعف الشخصية عند الطفل، وما هي طرق العلاج الممكنة لحل تلك المشكلة؟، العلامات التي يمكن للأمهات الاستدلال منها على هذه المشكلة؟
مفهوم ضعف الشخصية عند الأطفال
الطفل ضعيف الشخصية يمكن تعريفه بأنه الطفل المنقاد والتابع، الذي لا يمكنه اتخاذ قراراته بنفسه، يواجه اعتداء الآخرين عليه بالسلب، وسيلته الوحيدة هي البكاء، فهو يتبع الآخرين دائمًا، خجول لدرجة كبيرة، لا يسعى للدفاع عن نفسه بالعمل أو الكلام، لا يريد السعي لأخذ حقه، تربية الأطفال مهمة صعبة وكبيرة؛ وإذا فقد أحد الوالدين توجيههم بشكل صحيح، فيؤثر على شخصيتهم التي لا تزال في طور التشكيل.
علامات ضعف الشخصية عند الطفل
من أبرز علامات ضعف الشخصية عند الطفل وجود صعوبة لديه عند الاختلاط مع الآخرين، أو بكائه بدون أسباب، أو صعوبة التعبير عن رأيه، أو تردده في طلب ما يريد حتى ولو كان من المقربين منه أو العائلة، أو لا يستطيع اتخاذ قرارات مهمة في حياته وبالتالي يطلب المساعدة دائمًا من الآخرين، وإليكِ علامات أخرى يستدل منها على ضعف الشخصية:
عدم القدرة على اتخاذ القرارات
ضعف الشخصية عند الطفل يجعل منه غير قادر على اتخاذ أي قرارات في حياته، فهو ينتظر دائمًا الآخرين كي يقرروا عنه كالوالدين، فمثلاً عند تعرض الطفل لطلب أو سؤال ليقوم به، نجده مباشرةً ينظر للوالدين كي يقرروا له أو يفكروا عنه، وكذلك في كل شاردة وواردة في حياته، فهي شخصية مترددة جدًا.
شخصية غير شجاعة
لا يمكن للطفل ضعيف الشخصية امتلاك زمام الأمور عند المبادرة أبدًا، ولا يمكنه التعبير عن احتياجاته النفسية وما يشعر به، فنشعر دائمًا أنه خائف ومهزوز، فهو يبتعد ويتهرب حال شعوره أن هناك من سيطلب منه شيء أو أن أحد سيكلمه، فهو خجول بدرجة لا يمكن توقعها، لذا لا يمكنه طلب أي شيء من حوله حتى المقربين منه.
شخصية تتصف بالكسل الشديد
نجد الطفل ذو الشخصية الضعيفة يمتلك همة قليلة، وقد تكون نادرة جدًا، ولا يملك أي حيوية أو نشاط للقيام بأي أعمال سواء مساعدة الآخرين أو القيام بالواجبات المنزلية وكذلك الأنشطة التي يُطلب منه ممارستها ، ودائمًا يفضلون الاستماع عن التحدث؛ لشدة خوفهم من الكلام.
شخصية متهربة
فنجد الطفل يتهرب من تحمل أي مسؤولية قد تقع عليه مهما اتسمت ببساطتها تحديدًا في الأعمال المدرسية، فهي تلقي اللوم على غيرها بصورة دائمة، بل وتحملهم نتيجة أخطائها؛ كي لا تشعر بالذنب، فنجده بعد فشله في القيام بشيء لا يعترف بخطئه أبدًا، ويشير إلى أن الآخرين هم السبب في ذلك.
لا تتسم بالطموح
لا تؤدي ما طلب منها من التزامات أبدًا؛ نظرًا لعدم رؤيتها أي منفعة مما ستقوم به في المستقبل، فنجدها لا تريد المذاكرة أو تأدية وظائفها الدراسية، ولا تسعى إلى هدف ما كي تحققه وإثبات ذاتها في الحياة، وفي حال لم يتم علاجها يمكن أن يتطور هذا الأمر في الكبر، لتصبح بلا شخصية أو عديمة الشأن.
يميل بصورة ملحوظة إلى الانطواء
فالطفل ضعيف الشخصية يميل كثيرًا إلى العزلة، ومخالطة الناس والابتعاد عن الاجتماعات، ويميل بشكل ملحوظ إلى الانطواء والوحدة، وكذلك التهرب من أي علاقة مهما كانت سطحية، وهي من أبرز علامات ضعف شخصية الطفل، فعند زيارة الأقارب أو الأصدقاء، سرعان ما يذهب إلى غرفته والبقاء بمفرده.
معدومة الثقة بالنفس
تتصف هذه الشخصية بأنها مهزوزة بصورة واضحة، وشخصية الطفل الضعيف سرعان ما يتم تشخيصها أكثر من اكتشاف أي نوع آخر، ولأن الثقة بالنفس من أهم الصفات التي لابد من اتصاف الشخص بها، فيجب علاج ضعف الشخصية عند الطفل بسرعة، كما يمكنكِ عرضه على الأخصائية الاجتماعية أو النفسية، للتعرف أيضاً عن أسباب عدم ثقة الطفل بنفسه.
عدم الاعتراف بالحقائق
ضعف الشخصية عند الطفل تجعله لا يعترف بالأشياء ولا الحقائق، وذلك بسبب عدم قدرته على تصديقها وخوفه الشديد من كون الحقيقة شيء يناقض ردة فعله لها، فهو عنيد بعض الشيء ولا يستمع سوى لرغباته وتفكيره فقط، وأي معتقدات أخرى يلغي وجودها ولا يعترف بها على الإطلاق.
متشائم طوال الوقت
ومن أهم سمات ضعف الشخصية عند الطفل؛ اتصافها بالسلبية والتشاؤم دائمًا، ولا يمكنها المبادرة بأي رأي أو عمل أو توضيح ما بداخلها، فهي لا تحب الحياة ولا تقبل عليها، تنظر إلى نصف الكوب الفارغ ولا تنظر إلى النصف الممتلئ، ودائمًا ما تنظر إلى الضرر الذي سيلحق بها قبل المميزات.
التشتت الفكري
في أكثر الأوقات نجد هذه الشخصية شاردة الذهن وتبكي من أقل الأسباب، ولا يهمها أبدًا إن كان هناك ما يشاهدها من الناس أو لا، أو إذا كانت في أماكن عامة أم لا، فهي ترفض القيام بأي عمل مفيد، ولا يمكنها تمركز فكرها حول شيء معين واتخاذ القرار فيه.
أسباب ضعف شخصية الطفل
من أبرز الأسباب التي تسبب ضعف الشخصية عند الطفل؛ قيام أحد الوالدين أو كلاهما بعقد مقارنات بينه وبين أقرانه من باب النصح أو التوبيخ، وبالتالي تتأثر نفسيته بصورة كبيرة، فيسبب ضعف العزيمة ككل، فلا يمكنه اختيار الملابس ولا الألعاب لا حتى ما يرغب من أطعمة، فالطفل لا يولد بهذه المشكلة؛ فهي تنتج عن تراكم خبرات يحصل عليها من الوالدين، وإليكِ أهم الأسباب الأخرى:
- تعرض الطفل داخل الأسرة للعنف اللفظي، أي تهديده وانتقاده ولومه والصراخ عليه وتجاهله.
- التركيبة الأسرية وما تحتويها من مشاكل في العلاقات، وهي تعتبر من أكثر أسباب ضعف الشخصية عند الأطفال.
- حماية الطفل من قبل الأهل بصورة مبالغ فيها، وخوفهم وتدخلهم في كل شيء متعلق بحياته مهما كان الأمر بسيط.
- المبالغة في تدليل الطفل من الوالدين، وعدم تحمل المسئولية.
- خوف الطفل الشديد من الأهل الذين لا يمنحونه ويقمعونه لإبداء رأيه.
- عند السماح للطفل بالاختلاط مع أقرانه ممن هم في نفس السن.
- التوقعات غير الواقعية من الأهل وارتداداتها بحيث تصنع عبئًا كبيرًا على الطفل، وتحفز لديه مشكلات الخوف من الفشل، وعدم الثقة بالنفس إطلاقًا.
- تقصير الأهل في تنمية مهارات الطفل، وعدم تشجيعه بشكل كافي ليطور مهاراته وإمكانياته، أو حتى تحسين سلوكه.
- تأثر الطفل عند تحدث أهله أمامه بصورة متكررة عن الخبرات الشخصية الفاشلة، والشعور بالإحباط والسلبية.
- قد تكون تلك الصفة موروثة من أحد الوالدين، أو اتصاف الأخ الأكبر بها.
- ضعف الشخصية عند الطفل قد يكون نتيجة تأخره الدراسي أو ضعف ثقافته، أو صعوبة تكوين صداقات له.
- قد تكون بسبب اختلاط عقل الطفل بالمفاهيم نظرًا لتشابهها، وبذلك يجد صعوبة في التفرقة بين العنف والشجاعة، الجبن والحرص، والخجل والحياء.
- هذه المشكلة قد تكون نتيجة لضعف صحته، أو خجله من احتواء جسمه بعض التشوهات، فيفضل تجنب الانضمام لأقرانه في النادي أو المدرسة.
- مبالغة الوالدان في تقدير ذكاء الطفل، فيتوقعوا منه القيام بكل الأمور على أفضل وجه، وفي حال فشله في ذلك؛ يتعرض لعقاب مسرف؛ فيشعر بأنه عديم الفائدة.
علاج ضعف الشخصية عند الأطفال
بعد أن تعرفنا على أسباب ضعف الشخصية عند الطفل؛ وتأكدتِ من إصابة طفلك بهذه المشكلة، سنذكر لكِ طرق العلاج، والتي من أبرزها تشجيعه باستمرار على التعرف والاندماج مع أقرانه والناس من حوله، ومساعدته للتغلب على كسر الخوف من لقاء الناس أو مخاطبتهم، وإليكِ طرق أخرى للعلاج:
مشاركة الأقران في القيام بالأنشطة
إشراك الطفل في عدد من الأنشطة الجماعية العائلية أو حتى مع أقرانه، كي يستطيع إدراك أن هناك الكثيرين لديهم صفات مشتركة بينه وبينهم، وغير مشتركة أيضًا. ويجب على الأهل منح الأطفال مسئوليات مناسبة لسنهم، بحيث نضع في الحسبان قدرتهم على تنفيذها وتحقيقها؛ كي نحفزهم على القيادة وتصبح شخصيتهم قيادية إيجابية.
تحفيز الدعم المعنوي
زيادة الدعم المعنوي من الأهل بالدرجة الأولى، حيث ويوصي الأهل دائمًا بمساعدة أطفالهم على مخالطة الأشخاص الإيجابية ممن يحبون الحياة، ويتطلعون للإقبال عليها بدون مشاكل، كذلك المتفائلين، فهم يعكسون تلك الصفات على أصحابهم فترتفع معنوياتهم، ولأنهم أكثر أنواع الأطفال احتياجًا لتقوية ثقتهم بنفسهم، فيجب تقديمها لهم بشكل غير مباشر، فكلمة صغيرة قد تغير مزاج الطفل، وتمنحه ثقة كبيرة في نفسه.
استغلال قدرات الأطفال وإمكانياتهم
يوصي الوالدين بمحاولة استغلال ما يمتلك أطفالهم من قدرات مهما كانت بسيطة، وما يمتازون من إمكانيات، وإشعارهم بأنهم ملاحظون ذلك بشكل واضح، مع احترام ذاتهم وتقديرهم أمام الناس والرفع من شأنهم، ولا مانع من ذكر إيجابياتهم لغيرهم بدون المبالغة في ذلك، فالطفل ضعيف الشخصية لا يفهم حدوده، وقد يصدق هذه المبالغة والتعامل معها بشكل مختلف.
المساندة في التغلب على الوحدة والتشاؤم
يجب مساعدة الوالدين أبنائهم في إبعادهم بقدر الإمكان عن الوحدة والعزلة، ومساندتهم على الخروج لأماكن من اختيارهم، فالغرض من ذلك إشعارهم بالراحة والاندماج بشكل عام في الحياة، ومساعدتهم على تجنب الأشخاص المتشائمين والسلبيين دائمًا، والذين يشعرون بعدم وجود قيمة من اقتراب أشخاص لهم، وأنه لا فائدة من الحياة؛ فكل ما يفعلونه نشر التشاؤم فقط.
غرس بعض المهارات الهامة لديهم
يجب على الوالدين مساندتهم في التعبير عن مشاعرهم ووصف أنفسهم، وألا يكبتون مشاعرهم، فذلك سيتحول على مشاعر سلبية، وتوعيتهم بأنهم موجودون دائمًا في حال الحاجة إليهم، والحرص على الابتسام في وجوههم بصورة دائمة، كي يعتادوا على الابتسام مع الغير، وبدون شك الابتسامة تمنح الثقة بالنفس، ونفوس الآخرين أيضًا.يجب التحلي بالصبر والإيمان بما نعمل عندما نساعد الآخرين في التغلب على السلبية، وتحويلها إلى إيجابية، ومواجهة هذه المساعدة بالصبر، تعزيز القراءة لديهم، واطلاعهم على ما هو حديث عن طريق متابعة الأخبار.
الخاتمة
يجب على الوالدين اللحاق بأطفالهم وحل مشكلة ضعف الشخصية عند الطفل بأسرع وقت ممكن، لأنها بالتأكيد ستؤثر عليه لاحقًا عند تعامله مع الآخرين أو ذهابه للجامعة، وسيصبح أكثر استغلالاً من الآخرين، يمكن تعليمه طرق الدفاع عن نفسه بصورة عملية، مع محادثة الطفل بأسلوب يتماشى مع عمره عن أهمية ومعنى قوة الشخصية، مع ذكر خطورة التردد والتذبذب، ومتابعة تعديل التعريفات الخاطئة في ذهنه.